د. سلوى بنموسى تكتب: مرأة من زجاج
بوابة المصريينترى العالم الخارجي في ضوضاء وفوضى ..
تتعجب ماذا وقع يا ترى ؟
كانت الحياة بسيطة ورتيبة .
الكل كان يعمل بإتقان وإخلاص .
لا يطلب العاملون المزيد من الأجور وما الرزق
إلا من عند الله عز علاه
من نافدتها تنظر لخلق الله ؛ ليس نظرة احتقارية ودنيوية
لا سامح الله ؛ وإنما تكتسي مسحة حزن وأسى على حياتهم
إذ يدفنون إنسانيتهم بسرعة كالبرق
يتناسون معها أرواحهم وحريتهم وآدميتهم
ونوع ما من التسلية في دنياهم ؛ التي وجب أن تكون لتعود لحياتهم معنى وسلم داخلي وسعادة ..
إن أحلامهم كثيرة . ولكن ما أعجب طرق سعيهم ومنهجهم وعملهم وادراكهم وحكمتهم !؟
تزيل ناظريها عن تلك المشاهد الآدمية
التي تبغي العمل بسرعة والربح بسرعة أيضا أيضا
هم في سباق مع الريح إذا ..
أفلا يهدأوا ويستكينوا ؟
طبعا لجني وربح لقمة العيش ؛ لزم العمل الدؤوب
المقرون بالاخلاص والروية والحب والتفاني
إلا أنهم يسعون إليه مجبورين ومحطمين
وساخطين ومولولين
لماذا كل هذا الشعور المخيف يا رب العالمين ؟
رحم الله عبدا أتقن عمله .
ولنعد للمرأة الزجاجية وما أدراها وكيف حالها ؟
إنها تعيش في ضيق وجحيم
نفسيتها محطمة قابلة للانفجار كقنبلة نووية موقوتة
تتأثر بكل شيء وتبكي بكاء مريرا. لأنها لا تملك إلا الدموع .
تريد أن ينعدل حالها ؛ وتفرح روحها
وتعيش في رضى وقناعة ونقاء وصفاء
ولكن شتان بين تطلعاتها وأحلامها وبين واقعها !
الكل يريد النيل منها - إلا من رحم ربي-
ومن كرامتها ومن إصرارها لمواكبة تقلبات عصرها
من عولمة وعلم ونبوغ وإدراك
كم من مرة تسقط ..
وتطفو فوف سطح الماء والأحداث ؛ مستنجدة وصارخة ومستعطفة ..
من يمد لها يا ترى يد العون ؟
من يفرحها بكلمة طيبة ؟
من يثنو على عملها ويجبر بخاطرها !!
من يشفق على حالها ويعذر غبائها وقلة حيلتها ونقص تجربتها .
كانت مطمئنة وسط أسرتها وحين أزالت خوفها وتعثراتها
ونوت أن تواكب مجريات العالم الخارجي
بدى لها أول ذي بدء رحيما كالحمامة مسالما
وقويا كقوتها وعنفوانها .
ولكن ما إن اقتربت رويدا رويدا ..
حتى تلاشت الأحلام والمتمنيات العظام
إذ صفعت ونزعت كرامتها وإنسانيتها
وبدأت تهذي وتتألم كطير جريح .
وتهافتت عليها سكاكين العنف والموت من كل جهة وصوب .
خافت المسكينة ورجعت للوراء تتمسك بثيابها رعبا
وتستنجد بربها إيمانا واحتسابا
لأنه لن يدعها تسقط ؛ شهيدة معتقداتها وطموحاتها وتطلعاتها .
ولكن كيف للزجاج أن يضحى حديدا ؟!
وكيف للدمعة أن تتحول لبسمة فرح وسعادة ؟
تخرج من أركان الروح
هلعت لمرآتها تنظف حزنها وتزيحه !
وتتوكلت من جديد على صاحب الملك
الله سبحانه وتعالى ومن دونه إنسي ولا جني
ستواصل الحياة بكل أوجاعها ؛ اذ لن تصير زجاجية بعد اليوم
بل ستصبح إمرأة فولاذية قبضتها من حديد !
تساعد تفيد وتستفيد ؛ تنبغ وتسقط وتقف من جديد
" يوم لك ويوم عليك "
ستتابع المسير لنهاية الدرب العسير
وستعانق قدرها بخيره وشره