الخميس، 31 أكتوبر 2024 01:19 مـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

د. امينه زنون: ميكانيزمات الدفاع

د. امينه زنون: ميكانيزمات الدفاع
د. امينه زنون: ميكانيزمات الدفاع

ميكانيزمات الدفاع هي حيل دفاعية يقوم بها الفرد تجاه موقف معين ليحمي نفسه ، حيث يتعرض الإنسان في حياته للعديد من المواقف التي تولد لديه حالات القلق والتوتر الناتج عن عدم إشباع حاجاته، أو إدراكه لوجود خطر يهدده، مما يدفع به إلى محاولة تخفيف التوتر أو إزالته، وكثيراً ما يصل الفرد إلى حالة الاتزان والتوافق بإزالة ذلك التوتر، إلا أن بعض حالات التوتر قد تستمر ولا يستطيع الفرد مواجهتها على مستوى الشعور لشدتها، مما يؤدي به إلى محاولات تكيف لا شعورية يطلق عليها آليات الدفاع (Defense mechanisms التي يستخدمها الفرد لحماية مكوناته النفسية عند مواجهة مواقف الإحباط والصراع والفشل في إشباع الحاجات.

أسباب استخدام الفرد لآليات الدفاع

تجنب حالات القلق وما يرافقها من الشعور بالإثم والتقليل من الصراعات الداخلية، وحماية الذات من التهديد، وتتصف جميع آليات الدفاع بكونها تعمل بطريقة لاشعورية، وأنها تنكر الواقع وتشوهه وتزيفه.
ويرى فرويد أن المشكلات النفسية تحدث نتيجة للصراع بين أنظمة الشخصية الثلاثة الهو والأنا والأنا الأعلى، وعندما يكون هناك خطر يهدد الأنا، فإنه يتعامل مع هذا الخطر من خلال الطرق الواقعية لحل المشكلات، أو من خلال اللجوء إلى آليات الدفاع لتحريف وإنكار الواقع.
تساعد آليات الدفاع الفرد في تجنب الحالات السلبية من القلق والتوتر والصراع والإحباط،.
كما تساعده في تحقيق التوافق في حياته اليومية، وبعد ذلك من إيجابيات آليات الدفاع، مما دفع البعض إلى تسميتها أساليب التوافق، إلا أن استخدام آليات الدفاع بشكل مبالغ فيه قد يؤدي إلى إصابة الفرد الاضطرابات النفسية .

ويواجه الإنسان عبر مراحل حياته المختلفة العديد من التحديات والمشكلات التي يتوجب عليه تجاوزها لتحقيق التوافق النفسي والاجتماعي، وتجنب الوقوع فريسة للاضطرابات النفسية.
ويمر الفرد بالعديد من المراحل الهامة حيث يتعرض لكثير من التغيرات النفسية والعقلية والاجتماعية وقد يندفع داخلياً بعدد من الدوافع التي تتصادم مع قيم المجتمع الذي يعيش فيه، فيجد نفسه في حاله من الصراع.

وتعد آليات الدفاع مفهوم من أهم المفاهيم التي توصل إليها فرويد ويشير إلى الاستراتيجيات التي تقوم بها الأنا لاشعورياً للتخلص من القلق الذي يظهر نتيجة الضغوط الداخلية أو الخارجية، وعندما بدأ فرويد بدراسة آليات الدفاع كان ينظر إليها على أنها أشكال محددة من الاضطرابات النفسية، ولكنه بعد ذلك نظر إليها على أنها مجموعة من الآليات النفسية غير المرضية يستخدمها الفرد في مواقف الصراع، وتوصل في نهاية المطاف إلى أن هذه الآليات يحتمل أن تأخذ طابعاً مرضياً أو غير مرضي وآليات الدفاع هي وسائل لاشعورية يستخدمها الفرد بشكل تلقائي غير مقصود وعلى نحو متكرر للتغلب على القلق الناتج عن ضغوط المحفزات الغريزية للهو، أو مطالب الأنا الأعلى (تهديدات داخلية)، أو الناتج عن ضغوط ومخاطر العالم الخارجي الواقعي (تهديدات خارجية).

فهي استجابات يتم استخدامها عندما تكون وسائل الفرد غير كافية لحل الصراعات أو مواجهة التهديدات، وذلك لحمايته من القلق الناتج عن مواقف الصراع والإحباط، وعندما تنجح بعض آليات الدفاع في خفض القلق فإن ذلك سيؤدي إلى تعزيز هذه الآليات وتحويلها إلى عادات سلوكية

وكان من أهم تلك الآليات :-

الكبت: ‏Repression

یری فرويد أن الكبت هو الآلية الدفاعية الأولى أو الأساسية للأنا، لأنه يعد الأسلوب المباشر في تجنب القلق، وهو عبارة عن حيلة دفاعية يستخدمها الأنا لمنع الأفكار المثيرة للقلق من الوصول إلى الشعور، وقد تكون هذه الأفكار مرتبطة برغبات الهو، أو بذكريات لخبرات مؤلمة تعرض لها الفرد خلال حياته.

الإسقاط: Projection

يشير الإسقاط إلى قيام الفرد وبشكل غير واع بإنكار صفة معينة لديه والصاقها بفرد آخر، أي أن الفرد يلصق ما يتصف به من صفات مرفوضة أو غير مقبولة اجتماعياً بفرد آخر لكي يتخلص من الشعور بالذنب، ومن ذلك أن الشخص البخيل يصف غيره بالبخل، والإسقاط كونه آلية دفاعية مخادعة أو مشوهة للواقع يقوم به الأنا لا شعورياً كي لا يدرك الفرد حقيقة دوافعه التي لو أدركها لشعربالخيبة والإثم والامتهان .

وفي رأيي الشخصي يعد الاسقاط أسوأ الحيل الدفاعية لانه حيلة تجعل الشخص يكذب ويصدق نفسه فيلصق بك ما يفعله من أفعال يعرف جيدا انها سيئة فاذا اتيحت لك الفرصة وتعاملت مع شخص لديه حيلة الإسقاط ستجد نفسك منهك وقد تصاب باكتئاب وقلق وتوتر دائم، تجد نفسك في حالة من الذهول حين يلصق بك شئ هو الذي يقوم بفعله أو ينسب إليك فعل غير ممكن ان يصدر منك هو يعلم جيدا ان هو من يقوم به لكنه من المستحيل ان يعترف بذلك ..وفي الغالب الاشخاص الذين يلجأون الي ميكانيزم الإسقاط هم أشخاص لا يستطيعون تحمل المسئولية فقد يرمي على زوجته توبيخ مديره له ف العمل ، أو تأخره عن موعد مهم فالشخص الذي يلجأ الي ميكانيزم الإسقاط هو شخص لا يحب تحمل مسئولية قرار أخذه ، يخاف من اللوم ، يخاف من الفشل .. مما يجعله يرمي على عاتق اقرب الناس له مسؤلية قرارته دون أدنى شعور بالذنب .


‏الإزاحة: Displacement

هي عملية يقوم من خلالها الأنا بتحويل مشاعر الفرد من موضوع إلى موضوع آخر بديل، على أن يكون هناك علاقة أو صلة بين الموضوعين، وذلك بهدف التخلص من القلق الذي كان سيتعرض له الفرد في حال وجه مشاعره نحو الهدف الأول بشكل مباشر، ومن ذلك تحويل مشاعر الحب أو العدوان من الشخص الأول المستهدف إلى شخص آخر بديل للتخلص من القلق الذي يهدد الفرد في حال وجه مشاعره تجاه الهدف الأول . ومثال ذلك أن الموظف الذي يتعرض للإهانة من قبل رئيسه يشعر بالغضب والرغبة في العدوان ولكنه خوفاً من العقاب وحرصاً على مصلحته يقمع انفعالاته، وعندما يعود إلى البيت ينفجر ثائراً في وجه زوجته لأبسط الأسباب.

النكوص (Regression)‏

هو العودة إلى مرحلة سابقة من مراحل النمو كان الفرد يشعر أثناءها بالأمان، فالطفل الذي توقف عن التبول اللاإرادي، قد يعود له مرة أخرى كي يلفت الانتباه بعد أن شعر بالتوتر، لأن انتباه والديه قد تحول لأخيه الصغير، والسيدة المتقدمة في السن قد تنزع بشكل مبالغ فيه إلى الظهور بمظهر الفتيات الصغيرات في اللباس والحركات ونغمة الصوت، ومن أشكال النكوص أيضاً مبالغة المرء التحدث عن الماضي الذي عاش فيه حين يفشل في حياته الحاضرة. فالنكوص هو ارتداد أو تقهقر إلى مرحلة سابقة كان يشعر فيها الفرد بالراحة والسعادة، وذلك للهروب من الضغوط المحيطة به والتخفيف من الشعور بالفشل والإحباط .

‏Reaction Formation التكوين العكسي

هو أن يظهر الفرد سلوكاً مخالفاً تماماً للسلوك الحقيقي الذي يخفيه، وذلك للتخفيف من حالة القلق المرافقة للسلوك الحقيقي، كأن يظهر الفرد المودة والمحبة لشخص ما بشكل مبالغ فيه، ليخفي حالة العدوان الكامنة في داخله تجاه هذا الشخص، أو أن يظهر الكرم بشكل كبير وغير متوقع ليخفي طبيعة البخل الكامنة.

‏Compensation التعويض
التحدث عن الماضي الذي عاش فيه حين يفشل في حياته الحاضرة. فالنكوص هو ارتداد أو تقهقر إلى مرحلة سابقة كان يشعر فيها الفرد بالراحة والسعادة، وذلك للهروب من الضغوط المحيطة به والتخفيف من الشعور بالفشل والإحباط.

‏Reaction Formation التكوين العكسي

هو أن يظهر الفرد سلوكاً مخالفاً تماماً للسلوك الحقيقي الذي يخفيه، وذلك للتخفيف من حالة القلق المرافقة للسلوك الحقيقي، كأن يظهر الفرد المودة والمحبة لشخص ما بشكل مبالغ فيه، ليخفي حالة العدوان الكامنة في داخله تجاه هذا الشخص، أو أن يظهر الكرم بشكل كبير وغير متوقع ليخفي طبيعة البخل الكامنة فيه عوض .

Compensation التعويض

هو آلية دفاعية لاشعورية يلجأ إليها الفرد حين يبتغي سلوكاً يعوض فيه شعوراً بالنقص، وهو محاولة لاشعورية للارتقاء إلى المستوى الذي وضعه الفرد لنفسه، وقد يهدف الفرد من خلال التعويض إلى تغطية الشعور بالنقص أو تحقيق مكاسب ذاتية، مثل: لفت انتباه الآخرين، والحصول على احترامهم وتقديرهم ويظهر التعويض بشكل واضح في السلوك المبالغ فيه من قبل الفرد، وخاصة عندما يفقد شيئاً مهماً سبب له فقده الشعور بالألم. فالطالب الذي لا يتمكن من إحراز التقدم العلمي والدراسي قد يلجأ إلى الألعاب الرياضية لإحراز البطولات والشخص الذي فقد يده أو رجله قد يظهر السلوك العنيف والعدواني لإثبات قوته وتعويض النقص العضوي .

‏Denial : الإنكار

هو أن يرفض الفرد حقيقة واضحة أمامه ويتصرف وكأن هذه الحقيقة لا وجود لها على أرض الواقع، ويختلف الإنكار عن الكذب بأنه في حالة الكذب يكون الفرد على وعي بأنه يخفي حقيقة ما، أما في حالة الإنكار فالفرد لا يكون على وعي بذلك. ويستخدم الناس الإنكار كاستجابة أولى في حالة الأخبار السيئة فيميلون للاعتقاد أن هناك خطأ في نقل الخبر، وذلك من أجل تجنب حالة القلق والتهديد المرافقة لهذا الخبر.

كمن يسمع خبر وفاة أحد أقاربه وينكر ذلك ويكذب أذنيه أو يقول فلان يكذب أو أنني لم اسمع جيدا .

Rationalization : التبرير

هو تقديم أسباب تبدو معقولة ومنطقية لما يصدر عن الفرد من أنماط سلوكية خاطئة، وهو أيضاً التشبث بأعذار توحي للآخرين أنها صحيحة ومقنعة ولكنها ليست حقيقية، كأن يبرر الفرد فشله في الوصول إلى هدف معين بأن هذا الهدف غير مجد ولا يستحق بذل الجهد، فالتبرير حيلة يلجأ إليها الفرد ليتخلص من الشعور بالقلق أو التهديد المرافق لمواقف الفشل، وهو وسيلة تساعد الفرد فليحافظ على احترامه لنفسه ويتجنب الشعور بالإثم.
أو كالطالب الذي لا يفهم دروسه بحجة أن المدرس لم يأتي ولم يشرح الدرس .

التسامي : (Sublimation)‏

هو أن يحول الفرد النزعات والرغبات العدوانية والجنسية إلى نشاطات ذات قيمة وفائدة، فالكاتب الذي لا يستطيع إشباع رغباته الجنسية قد يحول هذه الرغبات إلى أعمال إبداعية من خلال تأليف أفضل القصص والروايات .
والتسامي مفيد لكل من الفرد والمجتمع، إذ أنه يخفض حالة التوتر لدى الفرد ويحميه من الانحراف أو الشعور بالذنب، ويقدم للمجتمع أعمالاً وأنشطة مفيدة.

أحلام اليقظة (Day dreams)‏

هي حيلة للهروب من الواقع غير المرغوب فيه، وإشباع تصوري لدوافع ورغبات لم تشبع في الواقع بسبب وجود بعض العقبات أو بسبب الكبت، فهي هروب من قسوة الحياة ومشاقها إلى عالم خيالي والوظيفة الأساسية لأحلام اليقظة كوسيلة دفاعية، هي أن الفرد من خلالها يحقق في الخيال ما عجز عن تحقيقه في الواقع، وترتبط ارتباطاً طردياً بكمية الإحباط التي يصادفها الفرد، وإسراف الفرد في أحلام اليقظة علامة على سوء التوافق، لأنها تعني أن الفرد يعاني من إحباطات كثيرة في حياته.

د. امينه زنون ميكانيزمات الدفاع

مقالات الرأي

آخر الأخبار