الأحد، 8 سبتمبر 2024 11:18 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

فيفيان سمير تكتب: الالتفاتة القاتلة

فيفيان سمير
فيفيان سمير

علميا يعتبر الغزال من أسرع الحيوانات البرية، حيث يمكنه الركض بسرعة تبلغ حوالي 90 كم/ ساعة، بينما سُرعة الأسد حوالي 58 كم/ ساعة. لكن لماذا يصطاد الأسد الغزال رغم هذا الفارق الكبير في السرعة؟
الجواب يكمن في سلوك الغزال عندما يشعر بالخطر؛ فعندما يرى الغزال الأسد، يؤمن أنه محاط بمفترس قوي وأنه هالك لا محالة، لأنه ضعيف مقارنةً به. هذا الخوف يجعله يُكثر من الالتفات إلى الوراء لتحديد المسافة بينه وبين الأسد. وهذه الالتفاتة القاتلة تؤثر سلبًا على سرعته، مما يقلص الفارق بينهما، وبالتالي، يُمكن للأسد أن يلحق بالغزال ويفترسه.
إذا عرف الغزال مواطن قوته، مثل سرعته ورشاقته التي تجعله قادرًا على المراوغة والمُناورة وتغيير وجهة سيره بطريقة لا يستطيع الأسد مُجاراته بها، كما يعرف نقاط قوة الأسد، مثل حجمه وقوته، لو وثق في قدراته وركز على استغلالها فإنه قد يجد طريقة للنجاة من افتراس الأسد، لكن تكرار الالتفات والتشتت يكون لصالح الأسد، الذي رغم كل شيء يظل قادرًا على الفوز بالمعركة في النهاية.
تعكس هذه الصورة الرمزية قيمًا ومفاهيم بحياتنا. من منا لا يسلك سلوك الغزال في مرحلة ما وفي مواجهة موقف ما؛ فالحياة مليئة بالتحديات والمخاطر، ومن السهل أن نشعر بالخوف والقلق من المستقبل ومن العوائق التي تحاوطنا والتجارب الماضية الفاشلة، كما أنه من السهل أن نشتت طاقاتنا وقدراتنا في محاولة قياس أنفسنا بالآخرين، والشعور بالبعد الكبير في المهارة بيننا وبينهم، ونحاول قياس أنفسنا بمقاييسهم، حينها نفقد جزءًا كبيرًا من هويتنا ونُهدر قيمة قدراتنا الفريدة. إن كل إنسان يمتلك مواهب ومهارات تميزه، ولكل شخص رحلته الخاصة، وكما يجب على الغزال أن يتجاهل الأسد ويركز على الهروب، يجب علينا أن نركز على تحقيق إمكانياتنا بدون تشتيت، وتجنب الالتفات لقدرات الآخرين والمقارنة المستمرة بمن هم أفضل التي تساهم في تغذية شعور الدونية والإحساس بالقلق والاستسلام، يجب أن نتجاهل ما يخيفنا ويعوقنا، ونركز على قدراتنا التي تتألق كنجمة لامعة في سماء الذات. إنها قدرات تنبعث من بين أضلع الوجود، تنتظر الفرصة لتتجلى وتبرز بكل بريقها وجمالها. فعندما يعرف الإنسان قدراته ويثق بها ويعطيها حقها ويستخدما بشكل صحيح وموجه، ينمو ويتطور ويصبح قادراً على استخدام إمكانياته كاملة بكل كفاءة وفعالية. إنها كالبذرة التي تزرع في أرض خصبة وتنمو بقوة لتزهر وتثمر بكل جودة وتميز، ويصبح لديه القوة اللازمة لتحقيق أعظم إنجازاته.
قد يكون من الصعب على الإنسان تجاهل العقبات والمخاطر والتحديات التي يواجهها في حياته، لكنها جزء لا يتجزأ من مسار النجاح، كما أن النظر للخلف والتركيز على ما يقيدنا ويخيفنا وقياس المسافات في المهارة بين الناس والانشغال بما يمتلكه الآخرون، يمكن أن يفقدنا التركيز على ما نمتلك نحن من مهارات ونقاط قوة وينسينا الهدف النهائي. صديقي.. أحذر الالتفاتة القاتلة ولا تكن كالغزال، إن أهمية معرفة الإنسان لقدراته ومواهبه الفريدة وثقته فيها والتركيز عليها وعلى ما يستطيع تحقيقه، هي شرارة تحفيزه وتحفيز الآخرين من حوله على تحقيق النجاح، وتمكنه أن يصنع التغيير والتأثير ليكسب معركة الحياة في النهاية وينجو من أسود الظلام.

فيفيان سمير الالتفاتة القاتلة

مقالات الرأي

آخر الأخبار