الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024 02:26 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

فيفيان سمير تكتب: النوم نهارا

فيفيان سمير
فيفيان سمير

إن النوم ليس مجرد استراحة للجسم، بل هو عملية حيوية ضرورية لتجديد الطاقة وتعزيز صحتنا العامة. إذا كنا نستهين بأهمية النوم الجيد ونتجاهل تأثيرات النوم غير السليم، فإننا نضع أنفسنا في خطر شديد؛ ففي داخل كل منا ساعة بيولوجية تسير وفق نظام متّسق مع عدد ساعات اليوم الأربع والعشرون، فهي تستشعر الليل لبدء القيام بالمهام الحيوية الموزعة على أعضاء الجسم كل حسب وظيفته، لكن يبدو أن النوم الجيد قد أصبح تحديًا يواجه الكثيرون. فقد تطورت أنماط حياتنا لتشمل ساعات عمل طويلة ومتقطعة، وأنشطة اجتماعية مكثفة، مما يؤثر بشكل كبير على جودة نومنا وتوقيته. وفي ظل هذه الظروف، أصبح النوم نهارا والاستيقاظ ليلا أمرا شائعا لدى العديد من الأشخاص. ولكن هل نعلم حقيقة الأثر السلبي الذي يمكن أن يحدثه معاندة الطبيعة بهذا النمط غير المنتظم على صحتنا؟
عند ممارسة هذا النمط بشكل متكرر ومستمر، يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات سلبية على أجسامنا وعقولنا. يقل إفراز هرمون “الميلاتونين” الذي يعمل على تنظيم الإيقاع داخل جسم الإنسان. فهو لا يفرز من المخ، إلا أثناء النوم العميق ليلا وعدم إفرازه بالكميات المطلوبة يتسبب في الإصابة بأزمات نفسية تزيد من مشاعر القلق والتوتر، وينتج عنها أحيانا الإصابة بمرض الاكتئاب، علاوة على حدوث تباطؤ في عمليات النمو الخاصة بالخلايا الدماغية، وزيادة التقلبات المزاجية، من حيث سرعة الغضب، تشتت التركيز، ضعف الذاكرة والصداع، وكلها عوامل تؤثر بالسلب على جهاز المناعة، وليس هناك أخطر من تداعي جهاز المناعة يوما تلو الآخر، حيث يتأثر هذا الجهاز بالتعديلات الغريبة التي تطرأ عليه، والتي تخالف النوم ليلا والاستيقاظ صباحا، كما هو المعتاد. كما أن نظامنا البيولوجي يرتبط بشكل وثيق بنمط النوم والاستيقاظ، وعندما يتعارض هذا النظام، يتعطل إفراز الهرمونات المسؤولة عن التحكم في الشهية والتمثيل الغذائي. حيث تفرز أجسامنا خلال النوم ليلًا هرمون يشعرنا بالشبع ليساعد في تسهيل وتسريع عملية التمثيل الغذائي، ولكن في حالة السهر يحدث خلل في إفراز الهرمون المسؤول عن الشبع وكنتيجة نشعر بالجوع، ويصبح لدينا رغبة متزايدة في تناول الطعام خلال ساعات الليل، وعادةً ما نميل إلى تناول الوجبات عالية السعرات، مما يزيد من احتمال زيادة الوزن. كذلك قد يؤدي النوم بالنهار والاستيقاظ ليلاً إلى تأثيرات صحية أخرى خطيرة. كالإصابة بأزمات مختلفة بالعين على المدى القريب والبعيد، بداية من تشوش الرؤية، ومرورا باعتلال شبكية العين وتصلب الشرايين بها، ونهاية بالإصابة بأعراض مزعجة ومشكلات متعددة في مراحل الشيخوخة.
كما أن قلة النوم والاضطراب في النظم البيولوجية للجسم ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، وارتفاع ضغط الدم، ومشاكل السكري، إذ تؤثر هذه الأمراض بشكل كبير على صحتنا العامة وتزيد من خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة قد تصل إلى الوفاة. قد يظن البعض أنها مبالغة قليلا، ولكن هذا ما أكدته دراسات طبية أشارت إلى أن عدم النوم لعدد ساعات كافية بالليل، يزيد من فرص التعرض لجلطات القلب ويتسبب ذلك بدوره في مضاعفة مخاطر التعرض للموت المفاجئ، وهو ما يمكن حدوثه مع ارتفاع ضغط الدم، الذي يرتبط وجوده أحيانا، بعدم النوم في الأوقات الطبيعية والسهر للساعات الأولى من الصباح. لذا يجب أن نعيد ترتيب أولوياتنا للحفاظ على صحتنا وسلامتنا.

فيفيان سمير النوم نهارا

مقالات الرأي

آخر الأخبار