الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024 02:38 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

هدي صالح تكتب: العسل المر

هدي صالح
هدي صالح

يعتبر السفر من الفرص التي تمنح الفرد فرصة للاستمتاع بتجربة جديدة وإكتشاف الثقافات والعادات والتقاليد المختلفة، وقد تكون من التجارب القاسية والمؤلمة لكثير من الأفراد نفسيا وعاطفيا وأيضاً يشعر الفرد بالعزلة والغربة في بيئة جديدة تختلف تماما عما هو اعتاده.
فكل منا يحلم بمستوي معيشي أفضل من المستوي الذي يعيشة وبيئه أفضل من بيئته، ومن المعروف للجميع أن السفر والبعد عن الأهل والأصدقاء ليس بالشيء اليسير بل هو من أصعب المواقف إن لم يكن أصعبها علي الإطلاق.
ورغم يقيني بأن لكل مسافر حكايته، وتجربته الخاصة في غربته إلا أن غياب الأنس، ووحشة الأهل والأحباب تبقي معاناةً مشتركة، ويبقي المسافر هو بطل حكايته، ومحورها الثابت في كل الفصول مهما اختلفت الأمكنة والأزمنة.
فمعظمنا يحلم بفرصة السفر والقليل منا قد يفكر فيها أن يجعلها حقيقةً فإذا كان لديه اصرار علي فكرة السفر سوف يصل لها.
حلم السفر حلم يراود تقريبا معظم شبابنا علي الصعيدين سواء شباب أو بنات فيعتقدون أن السفر سيحقق كل أحلامهما، ولكن ليس كل من يسافر يجد الفرصة التي تحقق كل احلامه فهناك من يلتحق بعمل صعب جدا قد لاينام الليل ولا يتحصل الا علي القليل ويصبح حلمه فقط ان يبقي في عمله يجد قوت يومه ومسكنه ويستطيع ان يرسل بعض الاموال الي اهلة بوطنه واذا ادخر بعض فانه بذلك قد انجز انجازا كبيرا، والفتيات هي الأخري عندما تغادر بلدها ألي بلد أخري تعاني الكثير قد تعمل اي مهنة لتجد منه دخل يعينها علي الحياة حتي تستقر وتبحث عن عمل أخر يكون أفضل مهنياً ومادياً.
المسافر أو المغترب لا يعلم عنه أحد يفرح وحيداً يحزن وحيداً واذا أخذ صورة ووضعها علي وسائل التواصل الإجتماعي مبتهجاً أو في مكان راقي قد يكون يعمل به او كان يتمشي بجواره في رحلة عمله اليومية وأحب أن يغير من موده، واخذ كام صورة وهو مبتسماً قليلا، لن يسلم من التعليقات والجميع يظن ان هذة حياته، رحلات وفرح وبهجة وسعادة كبيرة لا يعلم أحد بما مر به من عناء بالعمل أو جلوسه وحيدا بعيداً عن أفراد أسرته ياكل وحيداً يجلس وحيداً يتنفس وحيداً اذا مرض لا يجد من يعطيه كوب ماء ولايستطيع ان يخبر أحدا من أهله في وطنه حتي لا يشعرهم بالقلق.
حياة صعبة مليئة بالصعاب والمعاناة ، انا اتحدث عن معظم المسافرين خارج بلادهم وليس الكل.
هناك من كان حلمه كبير، كان يحلم بحياة ولم يستطيع ان يكملها لقد سرقت حياته بعد مجئيه بحادث مرير، حَلِما أن يعود ألي عائلته يحمل الهدايا والفرحة تملأهم بعودته ولكن عاد محمل علي الأعناق حاملاً لهم حزن يملأهم مدي الحياة تاركاً فراغاً كبيرا لهم، وهناك من ترك زوجته واولاده وإنغرس بالعمل وأصبح كل مابين عائلتهُ مكالمة هاتفية وطلب واحد وهو (اريد - ارسال ) أصبح الزوج البنك الذي يذود الأسرة فقط بالأموال وتقلص دور الاب علي ذلك وقامت الأم بدور الأم والأب معاً وأصبحت الأم تتحمل أعباء فوق طاقتها فهي المسؤل الأول علي تربية الأبناء ودراستهم وعليها الاهتمام بكل تفاصيل الأبناء في غياب الأب،
وهناك من تركها زوجها بأطفالها وترك معها مسؤليتة كأب لتقوم بدور الأم والأب وهي لا تعلم من أين تطعم أطفالها فهي ليس لديها مهنة تجلب لها دخل ولا تستطيع العمل وترك اطفالها داخل المنزل بدون مرافق ماذا تفعل؟ فتحلق باحلامها إلي بلد أخري قد تجد فيها فرصة عمل أفضل بدخل تسطيع أن تعين أطفالها علي الحياة وتصنع لهم مستقبل أفضل ولكن هي ماسوف تدفع ثمن ذلك من عمرها وعمر أطفالها وحرمانها من رؤيتهم يكبرون أمام اعيونها، فقد تتركهم مع الخاله او الجدة أو فرد من أسرتها تأمن علي اطفالها معه، فهي الأخري لتعوض حرمان اطفالها منها ترسل لهم الأموال والهدايا وتلبي كل إحتياجاتهم لتعوضهم عن غيابها وكل هذا علي حساب أمومتها وبعدها عن أطفالها.
الأصل في هذا الموضوع أن الغد هو بيد الله سبحانه وتعالي فأعمل ليومك واترك غدا لله فلا تعلم ولن تعلم ماذا بعد، وماذا يخبيء القدر لك، وقد تكون الغربة منحة من الله عز وجل الذي كان رحيما بك فساعدك علي الانتقال إلي أرض أخري لعلمه أنها الأفضل لك. فعليك ان تحول الغربة إلي فرصة وذلك بأن تتحدث مع عقلك الباطن وتقنعه بأنك في ارض الله أيضا وأنك جالس هنا الي ان يأذن الله بأن تعود الي وطنك و باجتهادك وسعيك للعمل الجاد وتحمل الصعاب والتوكل علي الله عز وجل فتكون حياتك بأمر الله اينما كنت فالمطلوب من كل واحد منا هو السعي. وليس النتيجة. ان غربة الوطن هي تجربة شخصية فريده من نوعها. لكل فرد يعيشها ،قد تكون مؤقته او دائمه ولا شك انها تحمل العديد من المشاعر القاسيه والمؤلمة، علي الرغم من كل الايجابيات والمميزات التي يمكن ان يجدها الإنسان في الغربة، فهناك بعض الأفراد يتعلمون كيفية النمو والتكيف مع ظروف الغربة ويجدوا طرقاً للحفاظ علي ربط المشاعر بوطنهم الأصل.
مقوله أعجبتني عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وهي :
( الفقر في الوطن غربه والغني في الغربه وطن )

هدي صالح العسل المر

مقالات الرأي

آخر الأخبار