يعد التقمص الإسقاطي، المعروف أيضًا بالتماثل الإسقاطي أو التماهي الإسقاطي، من المفاهيم النفسية الهامة التي تلعب دورًا بارزًا في فهم التفاعلات البشرية والعلاقات بين الأفراد.
يمثل هذا المفهوم عملية إسقاط مشاعر أو أفكار الشخص على شخص آخر ومن ثم التعامل معه وكأن هذه المشاعر أو الأفكار تنتمي له، ويتم ذلك بشكل لاشعوري. في هذا المقال، سنستعرض ماهية التقمص الإسقاطي، وكيفية استخدامه كآلية دفاعية أو وسيلة للتواصل، بالإضافة إلى استعراض أنواع مختلفة من التقمص الإسقاطي وتأثيراتها على العلاقات الشخصية.

التقمص الاسقاطي يمكن استخدامه كنوع من الدفاع، وكوسيلة للتواصل، وكشكل بدائي من العلاقة، أو كطريقة للتغيير النفسي؛ ويستخدم لتخليص النفس من الأجزاء غير المرغوب فيها أو السيطرة على الآخر، وباختصار فإن التقمص الاسقاطي، هو إسقاط الرغبات علي الشخص المقابل ثم الاعتراف بها بداخله، فمثلا الزوجة التي تريد خيانة زوجها ولا تستطيع أن تعترف بذلك أمام نفسها، فإنها تقوم بإسقاط هذه الرغبة علي زوجها وتتهمه بأنه هو الذي يريد خيانتها، وبعد أن تسقط عليه التهمة تقوم بالاعتراف بها أمام نفسها، وهذا الاعتراف المصاحب للاسقاط يعرف التقمص الاسقاطي

مثال آخر :

تخيل أن هناك شخص يشعر بالغضب الشديد لكنه غير واعٍ بمشاعره ولا يعترف بها لنفسه. قد يقوم هذا الشخص بإسقاط غضبه على صديقه، حيث يبدأ في التصرف وكأن صديقه هو الذي يشعر بالغضب وليس هو نفسه. ثم، يبدأ هذا الشخص في التعامل مع صديقه وكأنه غاضب بالفعل، مما يدفع الصديق إلى الشعور بالغضب حقاً كرد فعل على هذا التعامل. في النهاية، يصبح الصديق فعلاً غاضباً، مما يؤكد للشخص الأول أن مشاعره كانت صحيحة، رغم أنها كانت أصلاً نابعة من داخله.

هذا السلوك قد يحدث في العلاقات الشخصية بشكل غير واعٍ، حيث يساهم في خلق ديناميكية معقدة بين الأشخاص، وقد يؤدي إلى تفاقم المشاكل إذا لم يتم التعرف عليه وفهمه بشكل صحيح

انواعه
للتقمص الإسقاطي أنواع مختلفة تتعلق بالكيفية التي يتم بها إسقاط المشاعر أو الأفكار وكيفية تعامل الطرف الآخر معها. الأنواع الرئيسية تشمل:

التقمص الإسقاطي العدائي (Aggressive Projective Identification):

في هذا النوع، يقوم الشخص بإسقاط مشاعر الغضب أو العدوان على الآخر. مثلاً، قد يشعر الشخص بالغضب تجاه شخص آخر، فيتعامل معه بطريقة عدائية تدفع الآخر للشعور بالغضب أيضاً، مما يؤكد شعور الشخص الأول.
التقمص الإسقاطي الدفاعي (Defensive Projective Identification):

هنا يقوم الشخص بإسقاط مشاعر القلق أو الضعف على الآخر بهدف الدفاع عن نفسه. مثلاً، قد يشعر الشخص بالخوف أو الضعف، فيسقط هذه المشاعر على الآخر ويتعامل معه وكأنه هو الذي يشعر بالضعف أو الخوف، مما يجعله يشعر بالقوة بالمقارنة.
التقمص الإسقاطي المثالي (Idealizing Projective Identification):

في هذا النوع، يقوم الشخص بإسقاط مشاعر المثالية والإعجاب على الآخر. مثلاً، قد يشعر الشخص بنقص في نفسه، فيسقط مشاعر المثالية والإعجاب على الآخر ويعامله كأنه مثالي، مما يجعله يشعر بالرضا عن نفسه بفضل ارتباطه بهذا الشخص المثالي.
التقمص الإسقاطي الاكتئابي (Depressive Projective Identification):

هنا يقوم الشخص بإسقاط مشاعر الحزن أو الاكتئاب على الآخر. مثلاً، قد يشعر الشخص بالاكتئاب، فيسقط مشاعر الحزن على الآخر ويتعامل معه كأنه هو الذي يشعر بالحزن، مما قد يدفع الآخر للشعور بالاكتئاب أيضاً.
تتداخل هذه الأنواع في الحياة اليومية، ويعتمد تأثيرها على الديناميكيات الشخصية والعلاقات بين الأفراد.

في الختام، يمكن القول إن التقمص الإسقاطي يعد من الآليات النفسية المعقدة التي تؤثر بشكل كبير على الديناميكيات الشخصية والعلاقات بين الأفراد. فهم هذه العملية وأنواعها يمكن أن يساعد في التعرف على السلوكيات اللاشعورية والعمل على تحسين العلاقات وتخفيف التوترات الناتجة عن هذه التفاعلات. من خلال الوعي، يمكن للأفراد تعزيز فهمهم لأنفسهم وللآخرين، مما يساهم في تحقيق تواصل أفضل وعلاقات أكثر صحة واستقرارًا.