د. رشا محمد تكتب: فترة المراهقة: البيات الشتوي لعلاقة الأهل بالأبناء
بوابة المصريينفترة المراهقة تُشبّه بالبيات الشتوي، حيث يبدو وكأن كل ما زرعته في طفلك طوال السنوات الماضية قد اختفى تحت طبقة من الجليد. ولكن، لا تقلقي، فالخير الذي زرعته لا يضيع، بل يظل كامناً لينمو ويظهر في الوقت المناسب. ما يحتاجه الأهل في هذه المرحلة هو الاطمئنان، لأن ثمرة التربية تظهر بشكل أوضح خارج المنزل.مظاهر التغير في فترة المراهقة
كم مرة سمعتِ إشادات بابنك من الناس المحيطين؟ تلك الكلمات الجميلة التي تصف سلوكياته واحترامه للآخرين، والتي قد تبدو أحياناً غير متطابقة مع الصورة التي تملكينها عنه داخل البيت. لكن المشكلة تكمن في أننا، كأهل، نميل إلى استقبال هذه الإشادات بالتشكيك، وكأنها لا تعكس واقعاً حقيقياً
داخل البيت، قد نركز فقط على السلبيات، مثل العناد، أو البرود، أو التمرد، مما يجعلنا نغفل الجوانب الإيجابية التي تظهر في شخصيات أبنائنا خارج إطار الأسرة. نرى أحياناً المراهقين على أنهم مصدر تحدٍ دائم، لكن الحقيقة هي أنهم بدأوا في تشكيل ذواتهم، واستقلاليتهم، ورؤيتهم الخاصة للحياة.لماذا تختلف شخصية المراهق داخل وخارج البيت؟
عندما يخرج المراهق من البيت، يشعر بأنه في مساحة تُقدّر قيمته وشخصيته. يجد فرصة ليتفاعل مع العالم الخارجي بعيداً عن النقد المستمر الذي قد يتعرض له داخل الأسرة. هذا ليس تقصيراً من الأهل، لكنه تعبير عن طبيعة المرحلة العمرية التي يمر به
اداخل البيت، قد يشعر المراهق أنه مُطالب دائماً بأن يكون "نسخة مثالية" من توقعات والديه. ولكن الحقيقة أن المراهق لن يكون أبداً نسخة من والديه. إنه شخص مستقل له رأيه وكيانه الخاص.كيف نتعامل مع المراهق بذكاء؟
لنتذكر كيف تعاملنا مع أطفالنا وهم صغار. كنا نتقبل أخطاءهم بروح من الصبر والحب، مدركين أن هذا جزء من تطورهم الطبيعي. الأمر نفسه ينطبق على فترة المراهقة. إنها مرحلة نمو أخرى، لكنها تتطلب منا تغيير أسلوبنا
.بدلاً من مقاومة هذا التغير، علينا أن:
نحترم سمات المرحلة: المراهقة مليئة بالتحديات، لكنها أيضاً مليئة بالفرص لتقوية العلاقة مع الأبناء.
نعيد ضبط أنفسنا: كما ضبطنا توقعاتنا مع أطفالنا في طفولتهم، علينا الآن إعادة ضبط طريقتنا في التعامل معهم
نبحث عن الإيجابيات: ابحث عن الصفات الجميلة في ابنك، حتى لو كانت صغيرة. دعها تكون نقطة البداية لبناء علاقة جديدة معه.
نتجنب النقد المستمر: النقد المتكرر قد يدفع المراهق بعيداً عنك. بدلاً من ذلك، حاول تقديم الملاحظات الإيجابية وتشجيع الحوار المفتوح
الاستمتاع بالعلاقة مع الأبناء
فترة المراهقة ليست تحدياً فقط، بل هي فرصة لبناء علاقة مميزة ومليئة بالحب والتفاهم مع أبنائك. نعم، قد تكون العلاقة مليئة بالتوتر أحياناً، لكن "حلاوة العلاقة تستحق". استمتع بأبنائك، واحتفل بمراحل نموهم، وكن لهم مرشداً وصديقاً في رحلتهم نحو النضج
في النهاية، أنت الكاسب الأكبر عندما تستثمر في علاقتك مع أبنائك. فاربح هذا الرهان، واستمتع بكل لحظة مع أبنائك المراهقين.