الخميس، 6 فبراير 2025 02:47 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

محمد سلطان يكتب.. ترامب ومخطط التهجير(سيناء والعقبة في قلب الأزمة الفلسطينية)

محمد سلطان
محمد سلطان


في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتصاعد الأزمة الإنسانية، تبرز مخططات دولية تحاول فرض حلول جذرية تخدم الاحتلال الإسرائيلي، ومن بينها مخطط تهجير الفلسطينيين قسرًا إلى خارج أراضيهم. وفي هذا السياق، تتواتر أنباء حول سعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للضغط على مصر والأردن لاستقبال الفلسطينيين المهجّرين، سواء في سيناء أو العقبة، رغم الرفض القاطع من قيادتي البلدين.
إسرائيل تتجاهل القرارات الدولية: سياسة فرض الأمر الواقع
منذ عام 1948، لم تلتزم إسرائيل بأي من القرارات الدولية المتعلقة بحقوق الفلسطينيين، وأبرزها:
قرار الأمم المتحدة رقم 181 (قرار التقسيم 1947)
والذي نص على تقسيم فلسطين لدولتين، إلا أن إسرائيل استولت على أراضٍ تفوق المساحة المخصصة لها بالقوة
قرار 194 (1948):
الذي أكد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، وهو الحق الذي تجاهلته إسرائيل تمامًا.
قرار 242 (1967):
الذي طالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967، لكن تل أبيب لم تلتزم به واستمرت في التوسع الاستيطاني
قرار 2334 (2016):
الصادر عن مجلس الأمن، والذي أكد أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير شرعية، ومع ذلك لم توقف إسرائيل بناء المستوطنات بل زادت من توسعها
إسرائيل لا تكتفي بتجاهل القرارات الدولية، بل تعمل على تغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي في فلسطين من خلال سياسة الاستيطان والتهجير القسري، متجاهلة المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف التي تحظر التهجير القسري للسكان.
*مخطط التهجير: هدف استراتيجي لصالح الاحتلال*
منذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزة، تحاول إسرائيل استغلال الأوضاع المأساوية لفرض واقع جديد يتمثل في تهجير الفلسطينيين إلى دول الجوار، بهدف إفراغ الأرض الفلسطينية وتعزيز سيطرتها. ويأتي الضغط الأمريكي في هذا السياق، حيث يسعى ترامب - المعروف بمواقفه الداعمة لإسرائيل - لفرض هذا السيناريو كحل "إنساني"، متجاهلًا الحق الفلسطيني في البقاء على أرضه.
*الرفض المصري والأردني: موقف واضح لا يقبل المساومة*
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله الثاني أعلنا مرارًا رفضهما القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو العقبة. هذا الرفض ينبع من عدة اعتبارات، منها:
المساس بالسيادة الوطنية:
استقبال الفلسطينيين المهجرين يعني تفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها وتحويل أزمة الاحتلال إلى أزمة عربية
**تعزيز الاحتلال الإسرائيلي:
أي قبول بهذه المخططات سيعني عمليًا إعطاء إسرائيل ضوءًا أخضر للاستمرار في عدوانها.
**الرفض الشعبي العربي:
** الشعوب العربية، وعلى رأسها الشعبان المصري والأردني، ترفض أي محاولة لتوطين الفلسطينيين خارج أرضهم، لأنها تكرّس الاحتلال بدلًا من مواجهته.
*حقوق الإنسان في فلسطين: انتهاكات بلا حدود*
إسرائيل لا تكتفي بتهجير الفلسطينيين، بل تمارس ضدهم انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، تشمل:
1. *القصف العشوائي:* استهداف المدنيين، بما في ذلك الأطفال والنساء، في غزة دون تمييز.
2. *الحصار والتجويع:* فرض حصار خانق على قطاع غزة منذ سنوات، ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
3. *الاعتقالات التعسفية:* اعتقال الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، دون محاكمة عادلة.
4. *هدم المنازل والاستيلاء على الأراضي:* تهجير العائلات الفلسطينية من منازلها، كما يحدث في القدس والضفة الغربية.
5. *استهداف المستشفيات والمدارس:* قصف المنشآت الحيوية، مما يفاقم الأزمة الإنسانية.
*سيناريوهات المستقبل: هل تصمد مصر والأردن أمام الضغوط؟*
مع استمرار الضغوط الأمريكية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن مصر والأردن من الصمود في وجه هذه التحديات؟ حتى الآن، يبدو أن الموقف العربي موحد ضد التهجير، لكن إسرائيل وحلفاءها لن يتوقفوا عن محاولة فرض هذا الواقع بالقوة أو بالضغط الدبلوماسي والاقتصادي.
في النهاية، تبقى القضية الفلسطينية اختبارًا حقيقيًا للعدالة الدولية، فإما أن يتمسك العالم بالقانون الدولي وحق الفلسطينيين في أرضهم، أو يستمر في سياسة الكيل بمكيالين التي تعطي الاحتلال الإسرائيلي غطاءً للاستمرار في انتهاكاته
*ماذا بعد؟ السيناريوهات المحتملة وتأثير الشعوب على المخطط الأمريكي*
رؤية ترامب لتهجير الفلسطينيين ليست مجرد اقتراح عابر، بل هي جزء من مخطط أوسع تحاول إسرائيل فرضه منذ عقود. ومع ذلك، فإن هناك متغيرات عديدة قد تحدد مسار هذا المخطط، سواء على الصعيد الدولي أو الإقليمي أو الشعبي.
المعترك الدولي: إلى أين تتجه الأمور؟
الموقف الأمريكي:
- إذا فاز ترامب في الانتخابات المقبلة، فمن المتوقع أن يُعيد تبنّي سياسات أكثر دعمًا لإسرائيل، مثلما فعل مع "صفقة القرن"، والتي حاولت تصفية القضية الفلسطينية عبر حلول تخدم الاحتلال.
- في حال فوز إدارة ديمقراطية أكثر اعتدالًا، قد يكون هناك بعض التوازن، لكن في النهاية، السياسة الأمريكية تميل تاريخيًا لصالح إسرائيل، وإن اختلفت الأساليب.
أوروبا والمجتمع الدولي:
- بعض الدول الأوروبية بدأت تتخذ مواقف أقوى ضد السياسات الإسرائيلية، كما رأينا في اعتراف بعض البرلمانات بالدولة الفلسطينية. لكن في الواقع، تأثير هذه القرارات يبقى محدودًا بسبب نفوذ اللوبي الصهيوني عالميًا.
- الأمم المتحدة قد تُصدر قرارات جديدة تدين مخطط التهجير، لكن كما رأينا في الماضي، إسرائيل لا تلتزم بأي قرارات دولية دون ضغوط حقيقية.
موقف الدول العربية:
- هناك رفض رسمي واضح من مصر والأردن، لكن التحدي الحقيقي هو مدى قدرة هذه الدول على مقاومة الضغوط الأمريكية، خاصة مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها المنطقة.
- السعودية ودول الخليج قد تلعب دورًا في دعم موقف الأردن ومصر، أو قد تلتزم الحياد كما فعلت في قضايا سابقة، ما يجعل الموقف العربي غير موحد تمامًا.
هل لقوة الشعوب تأثير حقيقي؟
نعم، الشعوب العربية لديها تأثير كبير، لكن السؤال هو: كيف يمكنها استخدام هذا التأثير بفعالية؟
أدوات الضغط الشعبي:
- **التظاهرات والاحتجاجات:
** كما رأينا في الربيع العربي، فإن الضغط الشعبي يمكن أن يؤثر على قرارات الحكومات، خاصة إذا تحولت القضية إلى رأي عام ضاغط.
- **مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل:
** حملات المقاطعة الاقتصادية أثبتت فاعليتها في الضغط على الشركات العالمية التي تدعم الاحتلال.
*وسائل التواصل الاجتماعي:* اليوم، أصبحت السوشيال ميديا أداة قوية في فضح المخططات الإسرائيلية وحشد الدعم الشعبي، كما حدث مع حملة دعم غزة الأخيرة.
التحديات التي تواجه الحراك الشعبي:
- بعض الحكومات قد تحاول احتواء أي احتجاجات خشية أن تتحول إلى حالة عدم استقرار داخلي.
- الشعوب العربية تمر بظروف اقتصادية وسياسية صعبة، ما قد يجعل البعض غير قادر على التركيز على القضايا القومية.
- الانقسامات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية نفسها تضعف موقف المقاومة السياسية، مما يعطي ذريعة للبعض لتجاهل القضية.
السيناريوهات المستقبلية المحتملة :
السيناريو الأول:
نجاح الرفض العربي والدولي في إفشال المخطط**
إذا استمر الرفض المصري والأردني، ونجحت الضغوط الشعبية والدبلوماسية في إيقاف أي محاولات للتهجير، فقد يتم إفشال هذا المخطط كما فشلت محاولات مشابهة في الماضي، لكن ستظل إسرائيل تسعى لإيجاد بدائل مثل تصعيد العدوان داخل فلسطين نفسها.
السيناريو الثاني:
فرض التهجير بشكل تدريجي**
قد تسعى إسرائيل إلى تطبيق المخطط تدريجيًا، مثلما فعلت في تهجير بعض سكان الضفة الغربية وهدم المنازل في غزة. إذا لم يكن هناك رد فعل قوي، فقد يتم فرض التغيير الديموغرافي ببطء، دون الحاجة إلى تهجير جماعي علني.
السيناريو الثالث:
تصعيد عسكري يقلب المعادلة
إذا استمرت إسرائيل في عدوانها، فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد أوسع، سواء من قبل المقاومة الفلسطينية أو حتى من أطراف إقليمية أخرى مثل حزب الله أو إيران، مما قد يغيّر التوازنات في المنطقة.
**الخلاصة:
الشعوب قادرة على التأثير، لكن تحتاج لاستراتيجية واضحة
المخطط الأمريكي-الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين ليس حتميًا، لكنه يتطلب مقاومة ذكية ومستمرة. الشعوب العربية تملك أدوات ضغط، لكن نجاحها يعتمد على التنسيق والاستمرارية. أما على المستوى الدولي، فإن أي تغيير حقيقي يحتاج إلى إرادة سياسية قوية من الدول الكبرى، وهو ما لن يحدث إلا إذا كان هناك ضغط شعبي ودبلوماسي مستمر.
القضية الفلسطينية لم تمت، لكنها تمر بمرحلة دقيقة تتطلب وعيًا وتحركًا جادًا، وإلا فإن الاحتلال قد يفرض واقعًا جديدًا يصعب تغييره في المستقبل.

محمد سلطان ترامب

مقالات الرأي

آخر الأخبار