هشام بيومي يكتب.. أوبرا وينفري : من طفولة قاسية إلي نجاحات مذهلة
بوابة المصريينغالبا ما نترك أنفسنا تنغمس في القلق بشأن أمور لو فحصناها عن قرب لوجدنا أنها ليست في واقع الأمر علي هذه الدرجة من الضخامة. اننا نركز علي المشكلات والإهتمامات الصغيرة ونضخمها ونستنفذ قدرا ضخما من طاقتنا ونبتعد عن سحر وجمال الحياة.
هذا ما انتبهت له أوبرا وينفري عندما قررت منذ الصغر تنمية مهارتها بالتحدث والتمثيل، حيث كانت تتخيل أنها علي خشبة المسرح وحيوانات المزرعة جمهورها، فكانت تقوم بالتمثيل أمامهم، وتشرف الجدة لأمها علي تنمية موهبتها الفطرية في التحدث والتمثيل.
ولدت أوبرا في 21 يناير 1954 في ولاية ميسيسيبي، لابوين منفصلين وقامت الجدة لأمها بتربيتها خلال ستة سنوات الأولي من حياتها، حيث رأت فقرا شديدا.
بسبب مرض الجدة أرسلت للعيش مع والدها في تينيسي حيث أستقبلت بحماس شديد لعدم أنجاب أطفال من والد اوبرا وزوجته، لذلك أهتما بها كثيرآ.
في هذه الأجواء وجدت أوبرا المزيد من الفرص لتحسين مهاراتها الخطابية من خلال التحدث في التجمعات الأجتماعية في الكنائس، تطورت مهاراته لدرجة أنها حصلت علي مبلغ مالي مقابل إلقاء خطاب.
رغم حياتها المستقرة مع والدها، قررت العودة إلي والدتها والبقاء معها ومواصلة تعليمها في مدرسة لينكولن الثانوية والتي تضم طلاب من الطبقة الفقيرة والمتوسطة، لتفوقها في المدرسة، تم نقلها إلي مدرسة أفضل تضم طلاب أثرياء، حاولت أوبرا مواكبة الحياة معهم لكنها فقدت التركيز والتوجيه لأهتمامها بصغائر الأمور. قررت والدة أوبرا إرسالها إلي والدها للعيش معه مرة أخري، وقام الوالد بالتوجيه والدعم بالكتب والدراسة حتي تتمكن من صقل مهاراتها بشكل أكبر، ومن خلال برنامج وضعه الوالد به تعلم خمس كلمات جديدة يوميا وقراءة كتاب جديد أسبوعيا وتقديم تقرير يومي. لذلك أصبحت أوبرا طالبة متفوقة في دراستها وأشتهرت بمهارتها الخطابية.
تغلبت أوبرا علي العديد من التحديات ومن ذلك تعرضها للتحرش في طفولتها وسنوات مراهقتها المبكرة وفقدان أبنها الذي ولد قبل الأوان عندما كان عمرها 14 عام.
لقد ساهمت تجارب الطفولة الصعبة التي مرت بها في تحويلها إلي قطب إعلامي مؤثر وفاعلة خير ومؤلفة معروفة الأمر الذي جعلها شخصية مؤثرة عالميا.
بدأت أوبرا رحلتها في مجال الإذاعة بالصدفة عندما بلغت 16 عام، عندما فازة بمسابقة محلية في ناشفيل وعند أستلام الجائزة عرض عليها تقديم برنامج إذاعي، عند الاستماع إلى حديثها أعجب الجميع في المحطة بأسلوبها وأصبحت مذيعة بدوام جزئي.
بعد ذلك بعامين حصلت أوبرا علي منحة دراسية لدراسة البكالوريوس في أتصالات الكلام والفنون المسرحية في جامعة ولاية تينيسي. 《لاحظ نوعية المواد التي تدرسها أوبرا و تركيزها علي الحديث والخطابة، ذلك الطريق الذي اختارته منذ البداية》
في سن 18 عام تلقت مكالمة من محطة تلفزيونية تعرف بأسم CBS، وبذلك أصبحت أوبرا أول أمريكية من أصل أفريقي تعمل كمذيعة في الأخبار المسائية لشبكة CBS.
بعد ثلاث سنوات، إنتقلت إلي تلفزيون بالتيمور للمشاركة في تقديم أخبار الساعة السادسة.
أوبرا كانت ولازالت شخصية عاطفية مع الأشخاص الذين يعانون من الحوادث المأساوية، في كثير من الأحيان كانت تعمل تقارير إخبارية مثل حوادث الحريق وتقدم لهم الدعم.
بسبب شخصيتها العاطفية قرر مديرها تخفيض درجتها تمهيدا لطردها لتكون مذيعة مشاركة في برنامج حواري محلي جديد يسمي الناس يتحدثون، حيث يري مديرها أن الشخصية العاطفية لا تناسب هذه المهنة. لكن أوبرا قررت أن تستغل هذا البرنامج للتواصل مع الناس وخاصة جمهور النساء وأصبح البرنامج من خلال طرح الأسئلة الصحيحة أشهر برنامج حواري في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، حيث خاض في موضوعات حيوية وهامة بدون خجل أو تقصير وبكل مهنية، وفي غضون أشهر أصبحت أوبرا الأعلي تقيما في أمريكا.
انتقلت الي قناة جديدة وعمل برنامج حواري جديد أهتم بعرض القضايا الإجتماعية ووجهات نظر المشاهير المرتبطين بالقضايا وخلال 25 عام من بث العرض حققت اوبرا نجاحات ساحقة، وحصلت علي 47 جائزة EMMY وهي الجائزة الأعلي في العالم للبرامج التلفزيونية.
عام 1986 حصلت علي حقوق الانتاج والملكية لبرنامج أوبرا وينفري عن طريق شركة الإنتاج الخاصة بها، لتكون أول أمراة في التاريخ تنتج وتملك برنامجها الحواري الخاص.
أنها المرأة العصامية التي تغلبت علي كل الصعوبات والتحديات، ونهضت من الفقر وصعدت سلم النجاح إلي أعلي المستويات، لم تركز علي المشكلات والإهتمامات الصغيرة في حياتها وتضخم منها وتغرق في بحر الأزمات النفسية. أشعلت وقود التحدي ونفخت كل طاقتها لتطوير مهارتها ومزاياها الخاصة. أنها المرأة التي وصفتها مجلة CNN و Time بأنها أقوي أمراة في العالم وواحدة من أكثر الأشخاص نفوذا في القرن العشرين، وفي عام 2005 كانت أفضل أمراة في تاريخ أمريكا، وفي عام 2013 منحها الرئيس باراك أوباما وسام الحرية الرئاسي.