الإثنين، 16 ديسمبر 2024 04:44 مـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

د. رشا محمد تكتب..تراجع الموهبة لدى الأطفال: أزمة في التربية والمجتمع

د. رشا محمد
د. رشا محمد


لطالما ارتبط الإبداع بالتميز والإنجازات الاستثنائية، وبرزت أسماء مثل بيتهوفن وغيرهم من العباقرة الذين أثروا مجالاتهم بحسهم المرهف وموهبتهم الفريدة. لكن، ماذا عن أطفال اليوم؟ وهل يحصلون على الفرصة لتنمية مواهبهم والوصول إلى إمكانياتهم الحقيقية؟

الواقع المؤلم: أرقام تشير إلى تراجع الإبداع
تشير الدراسات الحديثة إلى أن نسبة الأطفال المبدعين بين سن الولادة وحتى الخامسة تصل إلى 90%، وهي نسبة مبشّرة. ولكن هذه النسبة تبدأ بالتراجع مع تقدمهم في العمر، حيث تنخفض إلى 10% عند سن السابعة، ثم إلى نسبة صادمة تبلغ 0.2% بحلول الثامنة.

هذا التراجع الحاد يطرح تساؤلات جدية حول البيئة التي يعيش فيها الأطفال، بدءًا من أنظمة التربية والتعليم مرورًا بالأعراف الاجتماعية والعادات الأسرية. فبدلاً من احتضان الموهبة وتنميتها، نجد أن هذه الأنظمة تعمل، بشكل أو بآخر، على طمس معالم الإبداع وإجهاض أحلام الأطفال.

المجتمع وضياع المواهب
غالبًا ما يُنظر إلى الأطفال الموهوبين على أنهم "متمردون" على الأنظمة والعادات. وبالتالي، يتم فرض قيود صارمة عليهم، مما يحول دون تطور مواهبهم. يتناسى المجتمع أن الحضارات العظيمة قامت على أيدي الموهوبين، وأن ضياع هذه المواهب يمكن أن يؤدي إلى انهيار المجتمعات بدلًا من تقدمها.

دور الأسرة في اكتشاف الموهبة
رغم أن الآباء والأمهات يرغبون في رؤية أطفالهم متميزين ومبدعين، إلا أن الرغبة وحدها ليست كافية. فالمحبة شيء، والإرادة لتوفير البيئة المناسبة شيء آخر. على الأهل أن يتعرفوا على طاقات أطفالهم، يدرسوها بعمق، ويفهموا كيفية توجيهها واستثمارها.

خطوات نحو دعم الموهبة
التعرف على الموهبة: يجب على الأهل والمعلمين العمل على اكتشاف الموهبة الفريدة التي يتميز بها كل طفل.
توفير بيئة داعمة: البيئة هي العنصر الأساسي الذي يُمكّن الطفل من تطوير إبداعه.
التحفيز والتشجيع: على الأهل أن يشجعوا أطفالهم على التفكير الحر، وأن يحتفوا بمحاولاتهم حتى لو لم تكن مثالية.
إعادة النظر في النظام التعليمي: يجب أن يتضمن التعليم مناهج وطرق تدريس تراعي احتياجات الأطفال الموهوبين بدلاً من تقييدهم.
الحضارة والموهوبون
لقد كانت الحضارات على مر العصور نتاج عمل وجهود الموهوبين في شتى المجالات. وإذا أردنا بناء مستقبل مشرق، فلا بد أن نعيد النظر في كيفية التعامل مع الموهبة والإبداع. فالطفل الموهوب اليوم قد يكون رائدًا في مجاله غدًا، ومن هنا، فإن مسؤولية اكتشافه ورعايته تقع على عاتقنا جميعًا، بدءًا من الأسرة ووصولًا إلى المجتمع بأسره.

الخلاصة
الموهبة والإبداع هما أعمدة التقدم، وإذا استمررنا في تجاهل الأطفال الموهوبين وإخضاعهم لأنظمة تقليدية لا تتناسب مع إمكانياتهم، فإننا نخسر نخبًا قادرة على إحداث تغيير إيجابي في العالم. حان الوقت لإعادة صياغة أفكارنا وممارساتنا، والتوجه نحو مجتمع يحتضن الإبداع ويدعمه.

د. رشا محمد

مقالات الرأي

آخر الأخبار