آه لو أضفنا للعمل ملعقة ضمير زيادة

في زمن الطيبة و الحلم السماوي و الجمال ، في كراسة الخط العربي سطور تحمل ال حِكمة .. الأخلاق .. المبادئ ، و الحديث الشريف ، طوبة فضة وطوبة ذهب تبني قلعة الإنسان ..
المدرس يكتب وسط سواد السبورة بالطباشير الأبيض "العمل" .. صوته يعلو :
على يمين الصفحة أترك بصمة إصبع خالية و أكتب ، وحسِن خطك تعبيرك عن العمل !
كان عمري فقط عشرة أعوام ،أقرأ على غلاف الكراس ، العمل حق ، واجب و شرف ، العمل عبادة ..
أرهق عقلي المحدود و أنا أرصد نوعية الأعمال والعاملين في مجتمعي الطفولي المحدود ، هذا يعمل معلما و آخر طبيبا ، هذا جندي ، هؤلاء الفلاح و الإسكافي و الخباز والبائع ..
هكذا كان الفلك المحدود في عالم البراءة .. في بيتنا أيضا أبي في مكان حكومي لتوفير احتياجاتنا فهو رئيس جمهورية بيتنا ، أمي تغسل و تنظف وتطهو لنا فهي وزيرة اقتصاد و تربية ، و نحن نستذكر رغما عنا لأننا نفضل اللعب ، هذا عملنا "تلاميذ" في مراحل مختلفة .. تكتمل منظومة العمل في طقس من المسؤولية و التفاني والمحبة والأمانة .. يتم إدارة الحياة بمفردات الضمير وقوانين الحب و الوعي ..
رئيس جمهورية البيت لديه حكمة وخبرة و مهارة لإدارة الوقت و حسن إدارة الموارد ، وإدارة الأزمات .. فالواقع المعاش لا يسلم من الأزمات ..
تمر الأعوام و تتغير معطيات و معاني و قوانين الحياة ، فتظهر مسميات لم تألفها أذاننا من قبل و قد ألقي عليها ألقابا سحرية جهنمية "رجل أعمال" و "سيدة أعمال"
عناوين براقة ل مهن و أعمال لم تكن مدرجة في معجم حياتنا البسيطة .. لم تخرج أو تخرج صفات كثير من رجال وسيدات الأعمال عن البلطجة ، السرقة ، الطبل والنفاق ، و كل مستويات الجريمة من سرقة المال إلى انتهاك الوطن و بيعه و بيع التراث والتاريخ ، و تفاقمت أسواق النخاسة ..
تسلطت في المجتمع كل وسائل الانحدار الفكري والثقافي والاجتماعي تحت عنوان "العمل" ..
سقط الضمير و الشرف و طقوس العبادة ، أصبح للمال وسلطان الكرسي السيادة ..
تم إجهاض الصدق و الأمانة و مع سبق الإصرار و الترصد تم اختزال الحق من "العمل" ، الذي كان كلمة عظيمة في كراسات البراءة " العمل واجب و حق و شرف ليسود واقعنا ال "قرف" و نشرب على روح القيم قهوة مغشوشة سادة ..