الإثنين، 10 مارس 2025 12:26 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

فيفيان سمير تكتب: فضيحة

فيفيان سمير
فيفيان سمير

"فضيحة"، هل صدمتك الكلمة عزيزي القارئ؟ عندك حق، هي كلمة صادمة بالفعل، أم أن فضولك الغريزي دفعك لالتهام الكلمات بحثا عن "الفضيحة" المعلن عنها بالعنوان؟
تعريف كلمة فضح لغويا هو كشف أي رفع الغطاء أو ما يستر الشيء. ليس بالضرورة أن يكون هذا الشيء أمر مخزٍ أو مسيء، لكن أصبحت الكلمة مرتبطة بما هو عار، حتى لو كان مجرد قرار خاطئ، نقع فيه جميعا، لكن لحسن حظنا لا ترصدنا عين متطفل، وقد يكون مجرد سوء تقدير أو حتى شيء عادي جدا، لكن يبدو من الخارج غير مفهوم، فيلتقطه من ينشره، حتى لو أدى ذلك إلى تشويه سمعة الشخص المشار إليه، المهم هو تلك اللحظات المشحونة بالإثارة والجدل، لجذب انتباه جمهور دائرته وإثارة اهتمامهم أو لمجرد التسلية مع الاستهانة بالأثر المدمر لما يفعله، ومع اتساع دوائرنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يصبح النشر على مستوى مرعب غير محسوب، ليتحول "لفضيحة".
هل تعرف عدد من اختاروا التخلص من حياتهم، خوفا من "الفضيحة" بحسب التوصيف المجتمعي، وهم في واقع الأمر ضحايا للتشهير الظالم دون ذنب، أو ضحايا لفعل شائن، يعيب من قام به وقد يعرضه للمساءلة القانونية، ولا يعيب من قريب أو بعيد من وقع عليه الفعل، لكن "الفضيحة"، للأسف، لا تفرق بين الجاني والمجني عليه وقد تكون من نصيب الضحية، التي في بعض الأحيان تُلام لأن شخصا مارس عليها جريمته.
هل تعرف عزيزي، أنك في كل يوم تقوم بفعل الفضح دون حتى أن تدرك، تفضح وانت تقوم بالحكم على الآخرين من وجهة نظرك القاصرة، التي لا تعرف أبعاد وظروف وملابسات الحدث، أو لمجرد رؤيتك صورة أو فيديو مجتزأ من سياقه، وتضغط زر النشر وانت تضحك بمنتهى البساطة، أو تقوم وأنت مندهش بإعادة سرد قصة، واضعا لمساتك الخاصة وبهاراتك وانطباعاتك الشخصية عن الواقعة، في حين أنك قد تكون شاهدت مشهد واحد لا يعبر عن كامل الحدث، أو حتى لقطة رصدتها بكاميرا هاتفك المحمول، ذلك السلاح الخطير المشهر في وجوه الجميع ليصيبنا بعادة الفضح اللاإرادي.
عزيزي، حتى لو كان الشخص المشار إليه "بالفضيحة" يرتكب جريمة بالفعل، فليست الفضيحة هي العقوبة المناسبة، ليس من حقك أن تعاقبه مرتين، فهناك قانون يحاسبه ويحكم عليه، فلا تضاعف العقوبة على شخصه، بل وتكون سبب في أن تمتد العقوبة أيضا لأسرته، فتلاحقهم العقوبة المجتمعية "الفضيحة" لأجيال.
أصبحنا نحاكم ونصدر الأحكام ونفضح بناء على رؤيتنا، متناسين ما أمرتنا به الأديان من اعتناق فضيلة الستر، التي هي من صفات الله الستار، جل أسمه، والتي قد نصبغها على جاني، ونرفعها عن مجني عليه ونوصمه بالعار، بحسب قياسنا، ونشهر في وجهه العقوبة سابقة التجهيز "فضيحة".

مقالات الرأي

آخر الأخبار