د. رشا محمد تكتب: هل تتحدث مع نفسك كثيرًا؟ متى يكون الأمر طبيعيًا ومتى يصبح مشكلة نفسية؟


هل تجد نفسك تعيد سيناريوهات لمواقف يومية في عقلك؟
هل تنخرط في محادثات خيالية مع أشخاص غير موجودين؟
هل يؤثر هذا الحديث الداخلي على حياتك الاجتماعية أو المهنية؟
إذا كنت تفعل ذلك بشكل متكرر، فقد يكون الأمر أكثر من مجرد حديث داخلي عادي. في بعض الحالات، قد يكون مؤشرًا على حالة نفسية تُعرف باسم متلازمة جوسكا، وهي اضطراب يجعل الشخص يُجري حوارات داخلية قهرية، قد تصل إلى الحد الذي يؤثر على أدائه في العمل وعلاقاته الاجتماعية.
تُعد متلازمة جوسكا من الاضطرابات النفسية النادرة التي تدفع الشخص إلى إعادة سيناريوهات غير واقعية داخل عقله، مما يؤدي إلى قلق مفرط وتأثير سلبي على حياته اليومية. قد تظهر هذه الحالة منذ الطفولة، وعادةً ما يتم اكتشافها في سن الثامنة.
تمت الإشارة لأول مرة إلى هذا الاضطراب عام 1927، عندما تم تشخيص امرأة بمتلازمة فريجولي، ومنذ ذلك الحين تم تسجيل حالات محدودة فقط حول العالم.
لماذا قد يُصاب الشخص بمتلازمة جوسكا؟
على الرغم من عدم وجود سبب واحد واضح، فإن هناك مجموعة من العوامل التي قد تؤدي إلى الإصابة، منها:
الضغوط النفسية والصدمات العاطفية، سواء في الطفولة أو البلوغ.
الاضطرابات العقلية الأخرى مثل القلق والاكتئاب واضطراب ثنائي القطب.
العزلة المفرطة والانطوائية، ما يجعل الشخص يعوض نقص التفاعل الاجتماعي بالحوار الداخلي.
الجينات والتاريخ العائلي، حيث قد يكون هناك استعداد وراثي للإصابة.
التعرض لمواد سامة أو كيميائية، قد تؤثر على وظائف الدماغ.
نذير خطر: إذا تُركت هذه الحالة دون علاج، فقد تؤدي إلى مشكلات خطيرة، مثل:
- الإجهاد المزمن
- واضطرابات النوم
- بسبب التفكير المستمر.
- مشكلات الجهاز الهضمي مثل القولون العصبي.
- تراجع الأداء المهني أو الدراسي نتيجة الانشغال الدائم بالأفكار الداخلية.
- الانعزال وفقدان القدرة على التفاعل الاجتماعي، ما قد يزيد من مشاعر الوحدة والاكتئاب.
- اضطرابات القلق وفقدان الثقة بالنفس، مما قد يؤثر على اتخاذ القرارات اليومية.
هناك علامات يمكن أن تشير إلى أنك تعاني من هذا الاضطراب، مثل:
- إعادة محادثات غير واقعية داخل عقلك باستمرار.
- العزلة والابتعاد عن الأصدقاء والعائلة.
- الخوف من التجمعات الاجتماعية والمناسبات العائلية.
- تخيل محادثات مع أشخاص غير موجودين في الواقع.
- التفكير المستمر في سيناريوهات غير حقيقية، مما يؤدي إلى القلق والتوتر.
- إهمال المسؤوليات اليومية بسبب الانشغال بالحوار الداخلي.
كيف يمكن التعامل مع متلازمة جوسكا؟
إذا كنت تعاني من هذه الأعراض، فهناك خطوات يمكن أن تساعدك في التكيف وتقليل تأثيرها على حياتك:
- حدد أهداف الحديث الداخلي: اسأل نفسك، هل هذه المحادثات مفيدة أم مجرد تكرار لا فائدة منه؟
- تعلم طرقًا جديدة لإدارة القلق: مثل ممارسة التأمل واليوجا والرياضة لتقليل التوتر.
- اكتب أفكارك على الورق: بدلاً من الاحتفاظ بها داخل عقلك، قد يكون التعبير عنها كتابيًا مفيدًا.
- انخرط في الأنشطة الاجتماعية: حتى لو شعرت بعدم الرغبة، حاول التفاعل مع الآخرين لمنع العزلة.
- اطلب المساعدة عند الحاجة: إذا كنت تجد صعوبة في السيطرة على هذه الأفكار، فقد يكون اللجوء إلى معالج نفسي ضروريًا.
ختامًا... هل الحديث مع النفس أمر طبيعي أم مؤشر على اضطراب نفسي؟
ليس كل حديث داخلي مشكلة، بل هو جزء طبيعي من التفكير البشري. لكن عندما يصبح الحوار الداخلي مستمرًا، وسلبيًا، ويؤثر على حياتك، فقد يكون الوقت قد حان لمراجعته والتعامل معه بوعي.
هل لديك تجارب مع الحديث الداخلي؟ شاركها معنا!