الأحد، 27 أبريل 2025 09:18 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

ولاء مدبولي تكتب: رماد الحريق القديم

بوابة المصريين

كيف حالك يا صديق؟

في هذا الوقت الذي تقرأ فيه ما أكتبه لك، ماذا تفعل ؟

تعمل، تجهز حالك للعمل، تفكر في العمل أم تبحث عن العمل في مكان آخر براتب أعلى .. أصبحت لا تمتلك رفاهية المال

تعمل لتعيش ككأئن حي بحاجة لطعام ومستلزمات البقاء البديهية، لست الإنسان الذي وعد حبيبته يوما أن يتجولا العالم سويا، الوضع الإقتصادي هنا مؤلم للغاية وسيستمر الآلم كثيرا ... دعك من آمال هؤلاء الجبناء الجهلاء بالحقائق والأرقام .. تؤكل أحلامك هنا رويدا رويدا .

حيز كبير يرهقك قاتم اللون، لا روح لا أنت .

ليست المشكلة في العمل ذاته، أنت عبء على ذاتك التي لا تعرفها .... مجبورا أن تكون في هذا السباق وحين تخرج منه مازلت به.

أظنك تهرب لمباراة كرة قدم في الدوي الإنجليزي أو دوري أبطال أوروبا .. استمتعت أليس كذلك، تتصفح تطبيق (التيك توك) فتعلم أن ذلك اللاعب يتقاضى مبلغ ضخم، لو ظللت عمرك كله تعمل لن تمتلك ربعه

تشاهد الراقصات، الجولات، التفاهات والعاريات ... (أعلم أعلم لم تتعمد فقط ظهروا أمامك ... لا عليك بالخداع الآن)

قليل من الأخبار ... فلا مجال لها ولا حيز برغم كثرتها

وربما أصبحت أنت ايضا تقل من القليل القليل هذا، فلا طاقة لما هو سيء ..دعنا نتناسى .. فلنتناسى .

تخبر حالك كي تهدأ .. أحمل ما يرهقني فأكثر.

لا أعتب عليك كثيرا ..حين أتعمد الهروب مثلك، أذهب إلى اللأشيء كي لا يأكلني الإكتئاب والتفكير، ربما أصبحت أدرب نفسي مؤخرا أن أشاهد من بعيد لا اتأثر، لا أكون جزء من تلك القصص الأليمة ... لأتجاوز الخبر فلا يتعمق بروحي

فيرحل عني ... ولكن كثيرا لم أرحل عنه .

العالم مخيف للغاية يا صديق ... المخيف هو أنا وأنت وهؤلاء

البشر، لا تستطيع أن تتوقع البشر .

تجدني عاطفية اليوم في حديثي معك بشكل درامي، لا بأس

بالقليل من المواجهة، استكملا للعاطفة.. أخبرتك أني عدت للقراءة منذ شهور قليلة، بالطبع ليس كالسابق ولكن ذلك الوقت القليل المتقطع مع الكتب أصبح يشعرني بسكينة مفقودة.

حاليا اقرأ رواية (ماجدولين) لمصطفى لطفي المنفلوطي

لا غبار على الكاتب الذي يمتلك حس ومرادفات في التعبير غنية، لكنني ندمت أني دفعت أموال في شراء تلك الرواية الرومانسية الكلاسيكية، أنا الآن في منتصفها تقريبا، لا أشعر بالإنتماء لها وإن أستطاع الكاتب أن يدخلني في ذلك الزمن

فلا مجال لتلك البرائة وهذا الحب والإخلاص العجيب.

تعلم ... الكتب تقوم بقتلي، أتعلق بتلك الخيالات فأصبح مثلها ولست معها.

قرأت قديما عن تلك المدينة المحروقة الآن .. تعلم يا صديق ليست المشكلة في عدد من يموت كل يوم، الكثير عبر الزمن مات ظلما وقهرا

مات دفاعا عن وطن، مات غدرا أو مات مواجها .

المشكلة في هؤلاء الأحياء الذين يحترقون وجعنا، مخزنة ذاكرتهم بمواقف لا يتحملها عقلك ومصير قادم مخيف

وهؤلاء الذين يزدادون خسة وبلادة، كثر محاطين بهم في كل اتجاه .

نشب الحريق بداخلنا جميعا، أنت وأنا ومدينتنا تلك.

فماذا ننتظر أن يُصنع من الرماد !

تحت الرماد، غالبًا ما يبقى الجمر حيًا

و”رماد الحريق القديم” ليس إلا رمزًا للألم الإنساني الذي لم ينطفئ رغم مرور الزمن. في فلسطين الحريق اندلع منذ عقود، لكن الرماد لا يبرد، لأن الجراح لم تُشفى، والقصص لم تكتمل، والحق ما زال معلقًا .

غزة..هذا الشريط الضيق من الأرض، يعيش حالة حصار منذ أكثر من 15 عامًا. ما بين حرب وأخرى يعيش الناس في حالة طوارئ دائمة. البيوت تُقصف، المدارس تُستهدف، المستشفيات تُدمَّر، وما بين ركام المباني، تبقى الدمى المحترقة ودفاتر الأطفال شاهدة على الجرائم.

• أكثر من 2 مليون إنسان يعيشون في قطاع غزة أغلبهم لاجئون من نكبة 1948.

• معدلات البطالة والفقر من بين الأعلى في العالم، خاصة بين الشباب.

• الكهرباء لا تصل سوى لساعات محدودة يوميًا.

• المياه الصالحة للشرب شبه معدومة.

• الصدمات النفسية عند الأطفال مرتفعة بشكل مرعب، حيث أن أجيالًا كاملة لم تعرف إلا صوت القصف ورائحة الدم.

منذ عام 1948، لم تتوقف النكبات في فلسطين النكبة لم تكن حدثًا واحدًا، بل أصبحت حالة مستمرة من التشريد والتهجير ومصادرة الأرض وتغيير الواقع الديموغرافي، جيل بعد جيل الفلسطينيون يحملون مفاتيح بيوت هُدمَت، وصور آباء قُتلوا، وخرائط وطن أُخِذَ منهم قسرًا.

أما في زوايا ذاكرتك أنت يا صديق، هناك حريق قديم لم تطفئه السنوات.. تحول رماده إلى مرآه تعكس وجعا إنسانيا عميقا لا تجرؤ بالبوح به مع أحد.

فرماد الحريق القديم ما زال يبعث الدخان.

مقالات الرأي

آخر الأخبار