السبت، 23 نوفمبر 2024 08:07 مـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

د. رشا محمد تكتب: حب الزوجين: سر عافية الأطفال الجسدية والنفسية

د. رشا محمد
د. رشا محمد

يُعد الحب بين الزوجين من أسمى العلاقات الإنسانية وأكثرها تأثيرًا في تربية الأطفال. إنه ليس مجرد رابط عاطفي يجمع بين رجل وامرأة، بل هو أساس متين تستند إليه الأسرة بأكملها، ويمتد تأثيره ليشكل صحة وسلامة الأطفال الجسدية والنفسية. في هذا السياق، يمكن القول إن العلاقة بين الزوجين تُعتبر العامل الرئيسي في تكوين بيئة صحية للنمو العاطفي والسلوكي للأطفال، والتي تؤثر على مسار حياتهم منذ الصغر وحتى البلوغ.

الحب بين الزوجين وأثره على صحة الأطفال: رؤية علمية
أظهرت الدراسات النفسية الحديثة أن الصراع الزوجي يؤثر بشكل مباشر وسلبي على تطور عقل الطفل. بل إن آثار هذا الصراع تبدأ منذ الشهور الأولى من حياة الطفل وتستمر معه لفترة طويلة. في هذا الصدد، يُشير العديد من الباحثين إلى أن التوتر والصراع بين الزوجين قد يؤدي إلى إصابة الأطفال بالقلق والاكتئاب، ويؤثر على قدرتهم على التعلم والتحصيل الدراسي. كما يعاني الأطفال الذين يكبرون في بيئات مضطربة من ضعف في تكوين العلاقات الاجتماعية والشعور بالأمان.

أحد العلماء في مجال التربية الأسرية، يروي قصة لرجل جاء يسأله عن كيفية تحسين قدرات ابنه الأكاديمية، وبالتحديد كيفية إعداده للالتحاق بجامعة مرموقة مثل هارفارد. كانت نصيحة العالم له بسيطة لكنها ذات مغزى عميق: "إذا أردت أن تزيد من ذكاء ابنك، عد إلى المنزل واحب زوجتك". هذه العبارة المختصرة تعكس حقيقة علمية مؤكدة، وهي أن الحب والاحترام بين الوالدين يؤثر بشكل إيجابي على نمو الأطفال العقلي والعاطفي.

الاستشهاد الديني: من القرآن والسنة
يأتي الإسلام ليؤكد على أهمية الحب والرحمة بين الزوجين في تكوين أسرة سليمة ومستقرة. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً" (الروم: 21). هذه الآية توضح أن المودة والرحمة هما الأساس الذي يبني عليه الزوجان علاقتهما، وأن هذا السكون النفسي هو ما يسهم في تربية الأطفال في جو يسوده الاستقرار.

كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي." (رواه الترمذي). هنا يؤكد الرسول الكريم على أن حسن التعامل مع الزوجة ليس فقط خلقًا كريمًا، بل هو طريق إلى صلاح الأسرة بأكملها.

الأسرة المتماسكة: مصدر الصحة النفسية للأطفال
الأسرة التي يسودها الحب والاحترام بين الزوجين تُنشئ أطفالًا يتمتعون بصحة نفسية وجسدية جيدة. يشعر الأطفال في هذه الأسر بالأمان العاطفي، وهو ما ينعكس إيجابيًا على سلوكهم. فالأطفال الذين يحاطون بالحب الأبوي والعاطفة يكونون أقل عرضة للإصابة بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق، كما تقل لديهم احتمالات اللجوء إلى العنف والعناد.

من جهة أخرى، تُظهر الدراسات أن الأطفال الذين ينشؤون في بيئات متماسكة يكونون أكثر قدرة على تحقيق التفوق الدراسي، نظرًا لتمتعهم بالاستقرار النفسي، مما يمنحهم القدرة على التركيز والتفكير بشكل سليم.

الخلاصة
العلاقة بين الزوجين ليست مجرد رابطة شخصية بين اثنين، بل هي الأساس الذي تُبنى عليه الأسرة بأكملها. إن الحب والاحترام بين الزوجين لا يصنعان سعادتهما فقط، بل يشكلان البيئة المثالية لنمو الأطفال. في ضوء الدراسات العلمية والنصوص الدينية، يتضح أن الأسرة المتماسكة والمتعاطفة تُنشئ أطفالًا يتمتعون بصحة نفسية وجسدية قوية، وتجعلهم قادرين على مواجهة تحديات الحياة والنجاح فيها.

تربية الأبناء تبدأ من حب الزوجين لبعضهما البعض، وهذه هي الرسالة الأهم التي يجب أن تتبناها الأسر لبناء أجيال صحيحة جسديًا ونفسيًا.

د. رشا محمد حب الزوجين سر عافية الأطفال الجسدية والنفسية

مقالات الرأي

آخر الأخبار