مريم عماد رمزي تكتب : أطفال الشوارع: ألست إنسانًا؟
بوابة المصرييناستيقظ في أي وقت، وكأن البرد يقتلع أنفاسي، وكاد قلبي يتوقف، أضلاعي زرقاء من شدة البرد. وفي الصيف، تلسعني الشمس الحارقة فأصحو مجبرًا. أبحث عن طعامي في طرق مستحيلة، وأرى الناس يحملون أفخر الأطعمة، بينما أنا أرى في بقايا الأغلفة كنزًا. إن وجدت تلك البقايا، فهي تكفيني لشهر، وربما لعامي كله.
ملامحي تلاشت، ولوني تغيّر. كل يوم هناك من يعاملني كحيوان، يلقي لي بقايا الطعام، يضربني ويهينني. سئمت حياتي، سئمت نظرات الشفقة والحسرة. حلمت بالتعليم لأتخلص من فقري، لكن لم أجد من يعينني. رغم امتلاء المدارس بالمعلمين، لم يكن لي مكان بينها. حلمت بالعمل، ووجدته أخيرًا، فظننت أن الحياة تنصفني. لكن ظهري كاد أن ينكسر، وجسدي تمزق من العمل الشاق. أجرى لم يكن يكفي ليومين من الطعام أو العلاج. تركت العمل وتمنيت ترك الحياة معه.
الشارع كان ملاذي، رغم قسوته، فقد احتواني. أحلامي أصبحت بسيطة: العيش، وإيجاد طعام ومأوى ليوم واحد. ما ذنبي؟ قدري ومجتمعي هما من وضعاني في هذه المأساة. حملات الإنقاذ والملاذات التي وُعدت بها لم تكن إلا تحت الكاميرات. في الواقع، كانت المعاملة أسوأ، الإهانات لا تنتهي. رغم ذلك، كان هناك طعام ومأوى، فتكيفت مع الوضع.
لكن رئيس العصابة أخرجني متخفياً في صورة أبي، ليستخدمني في التسول والسرقة. لم أعد أملك حتى حرية اختيار حياتي. أردني أداة لأنانيته، وإن لم أستطع يوماً التسول أو السرقة، كنت أُعذَّب وأُلقى في زنزانة. ليس كل المجرمين في السجون، بل هناك أبرياء مثلي يُدفعون للجريمة رغمًا عنهم.
سئمت حياتي، سئمت كوني "ابن الشوارع". تمنيت الموت مرات عديدة. كل ما أجده من المجتمع هو الشفقة، لكن لا أحد يهتم حقاً. كأن حياتي بلا قيمة، وكأنني لا أستحق العيش مثلهم. لكن الله هو الخالق، وهو الوحيد الذي يعرف قيمتي. وإن كانت لحظة واحدة في حياتي مفيدة، فهذا يكفي.
أستغيث بكم لإنقاذي، وإنقاذ من هم مثلي. اتركوا مظاهر التدين الخادعة وقدموا لي يد الرحمة. أريد فقط أن أعيش بكرامة. هل هذا مستحيل؟ اشتقت إلى طعم الحياة الذي فقدته منذ زمن. ما ذنبي؟ هذا السؤال يلاحقني دوماً.
أناشدكم، مرة أخيرة، قبل أن أضيع ويفوت الأوان