العمر مجرد رقم وتستطيع تجاوز هذا الرقم مهما كان العمر وتحقيق نجاحات مبهرة وانجازات مزهلة في الحياة وبعد سن الخمسين والستين وأيضا السبعين.
نتذكر الخالة زهرة من محافظة نايل التونسية عمرها 75 عام، تستيقظ باكرا وتخرج مسرعة نحو البحر، فهي تصطاد منذ عمر 15 عام،التجاعيد في وجها تروي قصص الشقاء بين أمواج البحر وقد نسج حكايات ومغامرات جعلتها لا تستطيع مغادرته، تقول ان إسعد لحظات حياتها هي تلك التي تجلب فيها كمية من السمك، وتقول واللمعان يطوف بعينها أن البحر علمها الصبر والقوة في العمل واعطاها الصحة.
لم يفت الأوان لكي تتعلم وتعمل شيء أو أمرا تحبه، تايكيشيرو مورا صانع مظهر طوكيو الجديدة، استاذ جامعي، تعلم في مدارس طوكيو وكان تلميذا متفوقا وله حلم منذ الصغر دخل كلية التجارة وتخرج منها في بداية سن العشرين اكمل دراسته وأصبح أستاذا في معهد كيوتوا للتكنولوجيا ثم عميدا لكلية التجارة فيما بعد. في ذلك الوقت كانت اليابان قد خرجت من الحرب العالمية الثانية وفي حالة إعادة البناء من جديد ومن أهدافها بناء الإنسان والعمران وبناء الإنسان الياباني من خلال التعليم، لذلك مورا كان مركز في التدريس وذهنه مشغول بحلمه الذي يراوده من أن لآخر.
في عام 1959 استغل مورا الإرث الذي ورثه من والده وترك مهمة التدريس ليحقق حلمه، أسس شركة بناء مورا بيلدينج، اشتري العديد من الأراضي في مدينة طوكيو وعلي هذه الأرض أنشأ مهندسوا مورا مفهوم جديد للتنمية الحضارية، اطلق عليها اسما " هيو " الذي يعني مدينة داخل مدينة. شيد فيها معمار جديد وبنية تحتية حضارة ومحطات المترو.
الطراز المعماري الياباني غني بموروثه الإبداعي وتاريخه الطويل الذي يمتد الي عمر الدولة نفسها، تتميز المباني بالهياكل الخشبية وتكون مرتفعة عن الأرض مع اسقف من القرميد أو من القش وتستخدم الأبواب المنزلقة، والناس يجلسون عادة علي وسائد خاصة.
في القرن السادس عشر دخلت الديانة البوذية وكانت عاملا مؤثرة في في تطوير مفهوم المعمار من خلال المعابد وانتشارها علي نطاق واسع.
في حقبة تالية وهي حقبة ميجي الإصلاحية عام 1868
وبدأ عهد النهضة في اليابان وكان تغيير جذري في تاريخ الهندسة المعمارية اليابانية وبداية العصر الحديث
وتأثر العمارة بالغرب واصبح هناك حوار غني يمزج الحداثة بالموروث.
يذكرنا مورا بكل من تاكسونو كينجوا وكاتاياما توك توكوما وكلاهما قدم مساهمات كبيرة في المشهد المعماري الياباني وتشهد اعمالهما مثل بنك اليابان ومحطة طوكيو وقصر اكاساكا المنفصل مزيجا من الأساليب الاوروبية الضخمة مع العناصر اليابانية.
تطلب إعادة اعمار اليابان بعد الحرب العالمية الثانية الي سرعة وعلي نطاق واسع للبنية الأساسية والمراكز الحضارية في البلاد، وشهدت هذه الفترة صعود جيل جديد من المهندسين المعماريين الذين لم يتاثروا فقط بحركات الحداثة الغربية بل انخرطوا أيضا بعمق في التقاليد اليابانية للحفاظ علي الهوية، وهذا ما استغله مورا في شركته عندما جلب هؤلاء المهندسين الشباب وعرض فكرته في بناء بأسلوب " هيو " ( مدينة داخل مدينة ) وأطلقت الصحافة علي مورا لقب مغير مظهر طوكيو. في عام 1991 أصبح مورا أغني رجل في العالم بثروة تقدر بنحو 15 مليار دولار.
طالما لديك شغف يدفعك نحو تحقيق حلمك أعلم أنك سوف تحققه، حافظ على شغفك ولا تقلق علي نفاذ الحطب طالما هناك تلال خضراء.