الخميس، 16 يناير 2025 12:57 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

حسن الهامى محفوظ يكتب.. اللغة العربية ما بين الاهتمام المعملي والاهمال العملي

حسن الهامى محفوظ
حسن الهامى محفوظ

أمر محزن حقيقة أن نستمع إلى خطاب فى مناسبة هامة والحدث منقول عبر الفضائيات بينما الخطاب ملغم بالاخطاء الساذجة، والاكثر من ذلك ان الفصحى لم يعد لها مكانًا وباتت العامية هى اللغة العربية، حوارًا وخطابًا وشعرًا ونثرًا، ويزيد من الحزن أن نستمع الى أحفادنا فى البيوت وقد استغنوا عن العربية وصاروا يلوون السنتهم بالانجليزية الامريكية.

وكارثة أن شبابنا يقبل على الأغانى الأجنبية ومكرس أذناه للانجليزية والفرنسية والايطالية والاسبانية، وللأسف أن كثير من الشوارع والمحال صارت تستخدم اسماء وحروف اجنبية، ويالهول الكارثة ان كثير جدًا من خريجى الجامعات لا يحتمل ان يدخل فى مسابقة إملاء، وعجبًا فان الاعداد لامتحان التعبير صار موضوعات يحاول حفظها الطلاب لافتقاد ملكة التفكير باللغة العربية.

طبعًا وهذا يرتبط ايما ارتباط باجادة النحو الذى صار من معضلات كثير من ناطقى العربية، ومع ظهور لغة الشات والحوارات الشبابية، فقد ظهرت لغة اصطلاحية تفرغ العربية من اصالتها، واكثر احزانى على العربية وهو ردائة الخط فقد صار معظم من يكتب العربية كما لو كان طبيبا فى مستشفى الحميات ويكتب روشته لم يقرأها الا الصيدلى فى أجزاخانة الاسعاف، وبكل صراحة يجب اختبار الاملاء عند توظيف الخريجين!.

مولانا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قال من خلال برنامج «الإمام الطيب»، المذاع عبر فضائية «الحياة» : "أن القرآن نزل باللغة العربية؛ لأنها استوعبت الكلام الموحى به من الله... وأكمل: «هي لغة مقدسة، ولكن للأسف الشديد ضيعها، لا أقول أهلها، لكن هذا الجيل الجديد الذي نعيش فيه من أسباب الضعف عنده والهزال الشديد في فكره وثقافته هو موقفه من لغته».

وأشار إلى أن «اللغة الإنجليزية بالنسبة للعربية كالفقير المهلهل الثياب الذي يقف إلى جوار رجل أُبهة»، منوهًا أن هناك قصدًا لتهميش العربية؛ لأن الضعف في اللغة يعكس ضعفًا في المقاومة، وأوضح شيخ الأزهر، أنه تعلم اللغة الفرنسية في المراكز الفرنسية، لكن الأمر لم يؤثر على لغته العربية، معقبًا: «كل ما أقرأ باللغتين أقول سبحان الله، شوف العربي إيه وده إيه».

ولفت إلى أن الغرب حريص على نشر مراكز تعليم الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية في كل دولة، متسائلًا: «أين مراكزنا في الغرب أو العواصم الكبرى لتعليم اللغة العربية؟ هذه المراكز يجب أن تعرض اللغة بفن وتجذب السن الصغير إلى اللغة محاطة بعادات وتقاليد».

وشدد في الوقت نفسه، على أن تعلم اللغة الأجنبية مطلوب، لأن النبي محمد هو الذي شجعنا على هذا في حديثه النبوي: «من تعلم لغة قوم أمن شرهم»، واستطرد: «لكن مينفعش اللغة الأجنبية تكون السيدة، نعلم أولادنا اللغة العربية واللغات الأخرى معًا، ونحفظهم القرآن منذ الصغر لأنه يقوم اللسان ويخلق الحس اللغوي، فلو شخص أخطأ أصابك شيء من التوتر والقلق».

إنّ المجال الحقيقي والفعلي لرفع مكانة اللغة العربية ليس في كثرة مديحها بل في كثرة استخدامها والتعامل بها في مختلف مناحي الحياة، وعليه يقال بأنّ الاعتزاز باللغة ليس وليدا لاعتزاز بذات اللغة، بقدر ما هو اعتزاز بالثقافة التي تمثلها هذه اللغة.

وإنّ المعضلة بالتأكيد ليست في اللغة العربية بحدّ ذاتها، وإنّ الحلّ بداية يكمن في إعادة الاعتبار لهذه اللغة العظيمة، من خلال إحياء اللغة العربية من جديد باعتزاز ودون حرج في حواراتنا وأحاديثنا في بيوتنا، ومدارسنا وقنواتنا، وتأهيل وتدريب القائمين على تدريسها، وفق أساليب التعلّم الحديثة، وابتكار وسائل جديدة سواء في المدرسة أو الإعلام أو التأليف والطباعة، لإيصالها بسهولة ويسر إلى متلقيها صغيرا كان أم كبيرا، عربيا كان أم أعجميّا.

ومن الاهمية بمكان الزام كل قناة فضائية رسمية ببرنامج لاتقان اللغة العربية وتعليم الخط العربى، كما من مظاهر الاعتزاز باللغة هو عدم الانسلاخ من الهوية العربية الأصيلة، كأن يزخرف الحرف العربي لافتات شوارعنا ويزيّن محلاتنا ومؤسساتنا العامة والخاصة بديلا للحرف اللاتيني.

حسن الهامى محفوظ

مقالات الرأي

آخر الأخبار