الثلاثاء، 31 ديسمبر 2024 03:12 صـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

مقالات الرأي

فيفيان سمير تكتب: ثلاثية الغين

فيفيان سمير
فيفيان سمير

الغيرة والغرور والغش ظواهر تعكس جوانب مختلفة من الطبيعة البشرية والعلاقات الإنسانية، لكن حين تتشابك هذه العواطف والسلوكيات مع بعضها البعض، تخلق ديناميكية معقدة تؤثر على تفاعلاتنا مع الآخرين ومع أنفسنا.
مثل الظل الذي يلتصق بالإنسان ويظل يلاحقه تكون مشاعر الغيرة والحقد، تلك الشعلة الحارقة التي تشتعل في قلوبنا عندما نشعر بأن شيئًا ما قد يهدد علاقاتنا أو مكانتنا أو يستلب منا إحساسنا بالاستحقاق، مشاعر من الخوف والغضب والدونية والإحساس بالظلم الزائف، تنبثق من الشعور بتهديد حقيقي أو وهمي أو إحساس بالنقص، وتتحول إلى جحيم داخلي يأكل الروح ويلتهم العقل، ويجعلنا نفقد السيطرة على أنفسنا ونغلق أبواب قلوبنا أمام الآخرين. إنها أقوى العواطف التي تتسلل إلى قلوب البشر وتؤثر على تفاعلاتهم مع العالم من حولهم، وقد تدفعهم إلى الحقد والكراهية والرغبة في الانتقام المريض، بلا مبرر حقيقي سوى تسلل مشاعر الغرور بالتدريج. والغرور غالبًا بمثابة غشاء يحجب عنا الرؤية الحقيقية لذواتنا وللآخرين، مما يجعلنا نغرق في بحيرة من الافتراضات الخاطئة والتقديرات الزائفة. وحين تسيطر مشاعر الغرور على عقولنا وقلوبنا، نبدأ في رسم صورة مغلوطة لأنفسنا، حيث نبدأ في تضخيم أوجه قوتنا وإمكانياتنا وإنجازاتنا وبالتالي استحقاقنا لما هو أفضل، كما نقلل من قدرات وإنجازات واستحقاق الآخرين، معتقدين أنهم لا يمتلكون سوى ظل بسيط من قيمتنا المغايرة للحقيقة.
الغرور يصنع منا أسيادًا في عوالمنا الخاصة، حيث نعيش في أبراج من الاحتقار والتكبر. ننظر إلى الآخرين من باب التحديد والتقييم، ونجد أنفسنا دائمًا في مقدمة الصف وفوق الجميع. نتوهم أننا قمة الكمال والتميز، دون أن ندرك أن هذا الاعتقاد الزائف يحجب عنا نور الحقيقية، وحين يصدمنا واقع ضئالتنا لا نحتمله، ونلجأ للغين الثالثة "الغش". الغش للي رقبة الحقيقة وتزييف الباطل ليصير هو عين الحق بحسب تفضيلاتنا الذاتية، المحتجبة بالكبرياء فاقدة البصيرة. الغش ذلك السلوك الملتوي الذي يعكس ضعف الشخصية ونقص التقدير لقيم النزاهة والأمانة، نلجأ له كوسيلة للحصول على ما يكون في يد الآخرين، نقوم بتلوين الحقيقة وتحريفها لصالحنا. الغش يشبه إلى حد كبير شجرة ملتوية، تتفرع فروعها باتجاهات عديدة كلها غير صحيحة. نشوه بالغش صورة من نعتقد أنه يحصل على ما نستحق نحن، نبدأ في إقناع أنفسنا بأننا أحق من الآخرين، ونعيش في عالم من الفساد وخداع النفس والكذب الذي نصدقه ونتعامل معه على أنه الحقيقة الكاملة التي يراها الجميع، رغم أنه يعكس ضعف الثقة بالنفس وعدم القدرة على المنافسة بشكل شريف ونزيه.
في النهاية، تظهر العلاقة بين الغيرة والغرور والغش كتشابك لا يمكن تجزئته، فكل منهم يمكن أن يؤثر على الآخر ويؤدي إلى الآخر بانعكاسات سلبية على العلاقات الإنسانية، ويكون السقوط مدويا ومدمرا، فمهما طال أمد الغش لابد من يوم تترد فيه المظالم.

فيفيان سمير ثلاثية الغين

مقالات الرأي

آخر الأخبار