هدي صالح تكتب: العانس والمجتمع
بوابة المصريين
العنوسة هذا المصطلح الشائك والمثير للجدل، فما بين مؤيد ومتقبل للمصطلح باعتباره يعبر عن إحدي المشكلات النفسية والاجتماعيه الموجوده فعلا في جميع المجتمعات، وبين معارض لإستخدام هذا المصطلح بإ عتباره ينتقص من قيمة من يوصفون به ولا يليق بإنسانيتهم وعلي الرغم من أن العنوسة هي لفظ أطلق علي الجنسين ذكورا وإناثا إلا أن مجتمعاتنا العربية تركز علي عنوسة المرأه أكثر من عنوسة الرجل بأعتباره واقعا مفروضا علي النساء وليس بإختيارهم في كثير من الحالات، وأيضا لإرتباطه بسن الإنجاب لديهن، بينما في حالة الرجال فهو علي الغالب بإختيارهم وإن كانت الظروف الإجتماعية والإقتصادية في كثير من الأحيان تعيق قدره الشباب وتجبرهم علي تأجيل قرار الزواج.
هناك عدة إشكاليات مرتبطه بهذا المفهوم الإجتماعي ومنها :-
تدخل المرأة في دائره العنوسة إذا ما تجاوزت سن الثلاثين في الغالب في كثير من المجتمعات العربيه، وأحيانا تعتبر الفتاة عانسا وهي لا زالت في العشرين من عمرها خاصة في بعض المجتمعات القرويه، إلا ان تحديد عمر الزواج المناسب للزواج مرتبط بثقافة المجتمع، وليس له أساس ديني ،فلا يوجد عمر محدد للزواج في الدين الإسلامي فهو مرتبط بالقدرة والاستطاعة والبلوغ ودرجة التأهيل.
أنه حدد الهدف من الزواج بالإنجاب من خلال تحديد سن العنوسة، هذا صحيح ومقبول كغاية ساميه للزواج في تكوين الأسرة والحفاظ علي النسل، ولكن غير المقبول هو تحديده كهدف للزواج، فالزواج له اهداف عده ومنها تحقيق الإستقرار النفسي والعفه وصون المجتمع من الإنحرافات الأخلاقية وتبعاتها .
فيري البعض في مصطلح العنوسة انتقاصا لقيمة المرأة وتقييداً لأدوارها في الحياة، في حين ان أدوار المرأة متعددة في الحياة في جميع المجالات السياسية والعلمية والاقتصادية والحقوقية، وعدم زواجها لا ينقصها من أهمية أدوارها بالحياة.
انه مفهوم خاطيء ينطوي علي إتهام للمرأة, إذا ما تعدت سناً معيناً من غير زواج والذي حدده المجتمع أو البيئة التي تعيش فيها المرأة فتلام المرأة علي عنوستها بإعتبارها فشلت في تسويق نفسها أو إنها افتقدت للصفات التي تجعلها مرغوبة للزواج كلها مفاهيم مغلوطة وغير صحيحة.
ففي مجتمعاتنا الأن فتيات علي قدر من العلم والجمال والمال وعلي رغم ذلك لم تحن لها فرصة الزواج إلى أن وصلت إلى سن الأربعين فليس هناك ما يعيبها إلي إنها وصلت إلي هذا السن ولم تحظي بفرصة للزواج ولكن للأسف ينظر إليها المجتمع كأنها سلعه تسوق قد أنتهت صلاحيتها ويلومونها إلي انها لم تتزوج أو قد يشفق عليها المجتمع وينظر إليها بنظره شفقة كأن الزواج سيجعل منها أميرة من أميرات ديزني.
وقد يساهم هذا الوصف في دفع الفتيات إلي الهروب أو الزواج المبكر غير المدروس أو القبول بزواج غير متكافيء في حال أن الفتاة تقدمت بالعمر أو أن تختار الفتاة رغم عنها إِرضاء لأسرتها لتجنبها التبعات النفسية والأجتماعية والأقتصادية المترتبة علي عنوستها، وفي كثير من الأحيان تبني عليها مشكلات أكبر فتشعر المرأة بالتعاسة وعدم التقدير واليأس والسلبية، كما يؤدي إلي الطلاق وغيرها من المشكلات الإجتماعية كنتيجة حتميه للزواج غير المتكافئ.
علي كل فتاة أن تتفهم المرحلة التي تمر بها وتأقلم نفسها علي الصبر وان لا تنتظر الزواج أن يأتي إليها وتجلس حزينة مقهوره، عليها أن تنظر للمستقبل فالحياة بلا رجل ليست نهاية الحياة عليها ان تجتهد علي نفسها تدرس تعمل تجد ما يجعلها ناجحة فكم من إمرأة تزوجت وأنهارت أحلامها بعد الزواج كم من إمرأة متزوجة وحيدة كأنها بلا رجل بل تمنت ان لا تتزوج وكانت ظلت بلا زواج، علي كل فتاة ان تعلم أن عدم توفيقها للزواج أمر كتبه الله عليها والواجب عليها أن ترضي وتسلم بما كتبه الله عليها وتفوض أمرها لله فإن فعلت اطمأنت.
فالمرأة إنسان مكتمل بذاته مبدع ومنجز وناجح في كل المجالات لا يزيده الزواج تشريفاً أو قدرا أو ينتقص منها، فهي قادره علي إتخاذ القرارات المصيرية ومنها الزواج بتروية و عقلانيه بعيدا عن ضغوط المجتمع ومحدداته ولها الحق في ذلك، فأبواب السعادة المفتوحة أمامها متعددة وهناك الكثير من النساء اللاتي لم يتزوجن وخلد التاريخ أسماءهن عبر الأزمان.