د. أميرة محمد تكتب: البيت الأجمل
بوابة المصريينإن البيت أو ما يندرج تحت هذا المسمى هو رمز للراحة وشعور بالأمان وستر لساكنيه، فالبيوت تبنى وتجمل بالألوان الخلابة الزاهية والأثاث والمفروشات الباهية، والبيوت ليست قاصرة فقط على الانسان، فالحيوانات لها بيوت وكذلك الطيور لها اعشاش، أي أن الراحة والسكن أمر يبحث عنه الانسان وباقي المخلوقات، لكن في ظني أن بيوت الحيوانات والطيور هي الأجمل والأدق، وليس قصدي هنا بالجمال والدقة هي كثرة الألوان والاثاث التي تزين البيوت، بل ما اردت قصده هو الاقتناع والتسليم بأن البيوت التي بنيت وتبنى وستبنى في الدنيا جمالها الحقيقي هم ساكنيها.
وليس معنى كلامي هذا هو انني اروج لفكرة البعد عن سكن البيوت العصرية، ذات الروعة والجمال، بل ما اردت قصده هو أن لو من الله على الانسان بالسكن في بيت جميل معاصر، لابد أن يكون سكان البيت لديهم نفس القيم التي تتفق وتتلاءم مع ذلك الجمال وتلك المعاصرة، التي عليها بيوتهم.
والقيم التي تتفق مع ذلك الجمال وتلك المعاصرة التي اقصدها وأتمنى وجودها في ساكني البيوت الجميلة لها اشكال متعددة وكثيرة، ومن أبرز تلك الاشكال التواضع والتعاون... التي اردت التركيز عليهما، رغم وجود الكثير من الاشكال، التي تعد قيم عظيمة واساس قوي لإقامة أي بيت جميل ومعاصر.
وفيما يتعلق بالقيمة الأولى وهي: التواضع
ففي ظني أنها سمة لا يتصف بها إلا عاقل قويم، فالعاقل يدرك أنه لا عظمة وتعالي إلا لله سبحانه وتعالى، وأن التواضع هو رفعة للإنسان.
وقد ضرب لنا المصطفى (صلى الله عليه وسلم) أكبر مثال للتواضع، فرغم أنه (صلى الله عليه وسلم) خير ولد آدم منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الأرض إلى يوم الدين ،إلا أنه كان معروفا بين العالمين بالتواضع؛ فأحبه الصغير والكبير والغني والفقير وكان بيته ولازال البيت الأول بل والأوحد الذي لو اقتدى به أي انسان ولو كان غير مسلم لأدرك انه اجمل واعز واندر واكثر البيوت راحة وطمأنينة، فذاك بيت احترم فيه الصغير والكبير، حصلت فيه المرأة على كامل حقوقها قبل أن تمنحها لها أية جهة أو منظمة حقوقية ممن نراها الآن، بيت تربى فيه الكل على أنهم سواسيه لا فرق بين العبد والسيد، فذاك آنس خادم المصطفى (صلى الله عليه وسلم) يلعب ويتأخر عن تلبية أوامر سيده (صلى الله عليه وسلم) ولم يعاقب أو يهان، فهذا بيت قد عرف عنه التواضع حتى قبل مجيء الإسلام.
وفيما يخص القيمة الثانية وهي: التعاون
فلا شك أن بيوتنا المعاصرة الجميلة أصبحت تفتقر وبنسبة كبيرة، إلى التعاون والتكاتف بين افرادها وبعضهم البعض أو بين افرادها وبين الاخرين ممن لا تربطهم أية صلة أو قرابة فيما بينهم.فحقا اصبحت حاجتنا ماسة وضرورية لمثل ذلك الصنف من البيوت، التي يقيم فيها افراد البيت التواضع والتعاون فعلاً وليس اسماً، فتبقى سيرتها عطرة بهية وغير منسية مهما طال الزمن.