في موقف بدا مغايرا لسوابقها الدبلوماسية الصاخبة، اكتفت الجزائر بالتعبير عن "الأسف" في بيان رسمي ردا على تجديد الولايات المتحدة موقفها الداعم لسيادة المغرب على صحرائه ومعه مقترح الحكم الذاتي، وقد جاء هذا الموقف في وقت كانت فيه الأوساط السياسية والإعلامية تترقب ردا أقوى، لا سيما في ضوء المواقف الحادة التي اتخذتها الجزائر سابقا تجاه كل من إسبانيا وفرنسا في قضايا أقل حدة.

بيان الخارجية الجزائرية، الذي جاء مقتضبا وهادئا، عبر عن "أسف" الجزائر لتجديد الولايات المتحدة دعمها للمغرب وسيادته على صحرائه وتأييدها لمقترح الحكم الذاتي، دون أن يتضمن أي تصعيد دبلوماسي كاستدعاء السفير أو تعليق التعاون، وهو ما أثار العديد من علامات الاستفهام.

ويأتي هذا الموقف في تناقض صارخ مع ردود الفعل الجزائرية السابقة، حيث قامت باستدعاء سفرائها من مدريد وباريس، وأعلنت تجميد التعاون مع بعض المؤسسات الأوروبية، على خلفية تصريحات أو مواقف أقل حدة تجاه قضية الصحراء.

محللون فسروا هذا "التحفظ المفاجئ" بكونه يعكس إدراكا جزائريا لطبيعة العلاقة المعقدة مع واشنطن، ورغبة في تفادي الدخول في أزمة دبلوماسية مع قوة عظمى، غير أن هذا التفسير لم يمنع عددا من المتابعين من التساؤل حول ما إذا كانت الجزائر قد قررت اعتماد "مكيالين دبلوماسيين" بحسب وزن الدولة المعنية.

وفي انتظار تطورات لاحقة، يبقى بيان "الأسف" علامة فارقة في تاريخ المواقف الجزائرية من قضية الصحراء المغربية، سواء كخيار محسوب بحكمة، أو كإشارة إلى تغير في مقاربة السياسة الخارجية، أو ببساطة كاستثناء دبلوماسي أملته اعتبارات القوة والواقعية.