الثلاثاء، 7 يناير 2025 06:37 مـ
بوابة المصريين

رئيس الحزب د. حسين ابو العطا

أخبار عربية

رئيس الحزب الدستورى السورى: ليس من حق «سلطة الأمر الواقع» إلحاق الأجانب بالجيش أو تغيير المناهج التعليمية

حسام ميرو
حسام ميرو

قال رئيس ومؤسس الحزب الدستورى السورى «حدس»، حسام ميرو، إن هيئة تحرير الشام، المسيطرة على الحكم فى سوريا حاليًا، تعيش حالة ارتباك، وترسل للشعب رسائل متناقضة، مؤكدًا أنه ليس من حقها تغيير مناهج التعليم بشكل جذرى بما يوافق أيديولوجيتها، خاصة أنها حكومة مؤقتة ليست لها شرعية دستورية.

وأضاف رئيس الحزب، العائد من المنفى فى ألمانيا، أن هناك حراكًا مجتمعيًا قويًا فى سوريا اليوم، والدليل كان خروج مظاهرات عديدة، أهمها مظاهرة فى أكبر ساحة فى دمشق، لتطالب بدولة مدنية غير طائفية، مشددًا على أن الشعب سيخرج للتعبير عن غضبه إن رأى أن القيادة الجديدة لن تذهب إلى انتخابات، ولن تصنع دستورًا توافقيًا.

وأبدى «ميرو»، رئيس أول حزب يعود إلى سوريا ويفتح مكتبًا بها بعد سقوط نظام الأسد، اعتراضه الواضح على تعيين أجانب فى الجيش السورى: «لا يحق لحكومة مؤقتة، ليست لها مرجعية دستورية، أن تقوم بعملية تجنيس لأجانب، أو وضعهم فى مناصب قيادية، خصوصًا فى الجيش، وهو مؤسسة شديدة الحساسية على مستويات عدة، داخلية وخارجية».

■ بداية.. متى تأسس الحزب الدستورى السورى «حدس» الذى تترأسه؟ وما أبرز أهدافه؟

- أُعلن عن تأسيس الحزب فى ١١ يوليو ٢٠١٧، وذلك بعد نقاشات استمرت لأكثر من عام بين عدد من السياسيين السوريين، وكان من بين أهداف تلك النقاشات الخروج من صيغة التحالفات التمثيلية التى سادت فى أوساط المعارضة، والانتقال إلى صيغة العمل السياسى الحزبى، على الرغم من مخاطر وتحديات التجربة آنذاك.

وقد كانت محصلة النقاش أن نبتعد عن الطبيعة الأيديولوجية للأحزاب التاريخية التى سادت فى سوريا لعقود طويلة، والانتقال إلى هدف عملى؛ هو السعى لتكون سوريا دولة ديمقراطية حديثة بعد سقوط النظام، والدولة الحديثة هى بالتعريف «دولة علمانية»، بمعنى حيادية الدولة تجاه كل الأديان، أى أنها دولة لكل المواطنات والمواطنين، وأن تكون دولة خدمات.

■ ما مبادئ الحزب؟ وهل يمكن تحقيقها على أرض الواقع؟ خاصة فى ظل تصريحات أحمد الشرع عن أن تنظيم الانتخابات يتطلب ٤ سنوات بينما صياغة الدستور تتطلب ٣ أخرى؟

- يقوم الحزب على ٥ مبادئ، هى: «الديمقراطية والعلمانية والمواطنة والتنمية والسلام»، وبطبيعة الحال أهداف الحزب استراتيجية نسعى لتطبيقها، رغم أننا نعلم تمامًا طبيعة وواقع المجتمع السورى، ولم يكن لدينا أى وهم بأن يفضى سقوط النظام مباشرة إلى الدولة الحديثة التى ننشدها. سوريا قبل سقوط النظام كانت مقسمة إلى أربع مناطق نفوذ، لكل سلطة فيها حلفاء من الخارج، والواقع الداخلى شبه منهار اقتصاديًا وتعليميًا وخدميًا، والعديد من الانقسامات موجودة فى المجتمع السورى، والعمل على تطييف الحراك الشعبى بدأ بعد أشهر من الانتفاضة السورية فى عام ٢٠١١، وأسهم فيه النظام بالدرجة الأولى، حين اعتقل النشطاء المدنيين وأطلق سراح قادة إسلاميين، وكذلك من خلال ممارسات طائفية مباشرة، الهدف منها أن يجعل نظام الأسد من نفسه الحامى الوحيد للأقليات.

وكذلك استثمرت دول إقليمية وغربية فى الطائفية، وقد قاوم قادة العمل الديمقراطى هذا الاتجاه الطائفى منذ البداية، وأعلنوا عن موقف منسجم ضد هذا الميل للتطييف من قبل النظام والآخرين.

■ أصدر حزبكم قبل أيام بيانًا يحذر من الطائفية ويؤكد المواطنة.. كيف يستقيم الأمر والحكومة الحالية سُنية، ألا يوغر هذا الأداء صدور بقية أطياف الشعب السورى؟

- واقعيًا، وصلت «هيئة تحرير الشام» إلى موقع القرار فى الحكم، والمجتمع السورى يراقب ما يصدر عنها، وهذا المجتمع متنوع قوميًا ودينيًا ومذهبيًا وسياسيًا وثقافيًا، ونحن نلاحظ حتى الآن وجود حالة ارتباك لدى القيادة الجديدة، فهى ترسل رسائل متناقضة، والأهم بالنسبة لنا هو الحراك المجتمعى والمدنى القوى الموجود حاليًا، فقد خرجت مظاهرات عديدة، كانت أهمها مظاهرة فى أكبر ساحة فى دمشق، لتطالب بشكل واضح بدولة مدنية غير طائفية.

■ هل تخطط للترشح لرئاسة سوريا؟

- نحن فى الحزب الدستورى السورى لدينا حلفاء وشركاء سياسيون من القوى الديمقراطية، ومن منظمات المجتمع المدنية الوطنية، وأعتقد أن تقديم مرشحين للبرلمان أو الرئاسة، سيكون عبر التشاور مع الشركاء، وبعد النظر إلى طبيعة الدستور وقانون الانتخاب، فيما لو كانا مناسبين ومقبولين.

وأنا أعتقد أن التيار الديمقراطى لديه كفاءات سياسية وطنية من الرجال والنساء المرشحين لخوض الانتخابات، ولديهم شعبية واسعة من شمال البلاد إلى جنوبها، وناضلوا طويلًا ضد الديكتاتورية، ولم يتورطوا فى السلاح والطائفية والفساد.

أما بالنسبة لى، فأعتقد أن هذا القرار سيكون للحزب، وهو رهن ما ينتج من تشاور مع الشركاء، وما نركز عليه اليوم هو بناء الدولة والمؤسسات السورية، وهموم شعبنا واحتياجاته.

■ ما موقف حزبكم من تقلد أجانب مناصب فى الجيش السورى؟

- لدينا موقف واضح من هذه التعيينات من الناحيتين الدستورية والقانونية، فنحن نجد أنه لا يحق لحكومة مؤقتة، ليست لها مرجعية دستورية، أن تقوم بعملية تجنيس لأجانب، أو وضعهم فى مناصب قيادية، خصوصًا فى الجيش، وهو مؤسسة شديدة الحساسية على مستويات عدة، داخلية وخارجية.

■ لماذا قلت إن دعاة المواطنة لن يكونوا موجودين فى دستور سوريا؟

- يمكن اعتبار هذه المقولة تعبيرًا عن أمرين؛ الأول هو محاولة تنبيه دعاة المواطنة إلى خطورة عدم التعاون والتنسيق فيمن بينهم، والأمر الثانى تنبيه السوريين أنفسهم إلى خطورة الواقع الموجود، فى حال ذهب الدستور السورى إلى صيغة محاصصة طائفية، وبالتالى فإن مقولتى تقع ضمن نطاق الحاجة لإطلاق صافرة إنذار.

■ ما موقف حزبكم من التعديلات الجذرية التى أدخلت على المناهج التعليمية؟

- نحن فى الحزب اطلعنا على التعديلات، ولا يمكن القول إنها تغييرات جذرية، ففى قسم منها كانت بخصوص إزالة كل ما يمجد النظام السابق، وهذا أمر طبيعى بعد سقوط النظام، لكننا وجدنا أن التغييرات التى طالت حقائق تاريخية أو مسائل علمية تتنافى مع عدد من المسائل، منها الناحية القانونية، التى نركز عليها كحزب يعنى أولًا بالدستور، حيث لا يحق قانونيًا لحكومة مؤقتة فى أى بلد أن تُجرى تغييرات فى المناهج ذات مفعول طويل الأمد، فمثل هذه الإجراءات تجريها عادة لجان اختصاصية، من المشهود لهم بالكفاءة العلمية، والمطلعين على تطور المناهج فى الدول المتقدمة.

كما أن هذا العمل يحتاج فى العادة إلى مدة زمنية لا تقل عن عام، ونعتقد أنه كان من الأجدى لوزارة التربية والتعليم أن تهتم بالأزمات الموجودة، فعدد كبير من المدارس دُمرت، وهناك مدارس متصدعة بسبب الزلزال، وهناك طلاب يتعلمون دون تدفئة، وطلاب تركوا المدارس من أجل العمل وإعالة أهاليهم، ورواتب المعلمين هزيلة جدًا، لا تكفى للذهاب إلى العمل، وهناك كفاءات هاجرت خلال السنوات الماضية، ومن الأجدى برأينا البدء بمعالجة هذه الأزمات، وليس تغيير المناهج وإحداث انقسام جديد فى المجتمع السورى.

■ دعا الحزب إلى مؤتمر للحوار الوطنى.. ما مستجدات التفاوض مع الحكومة الجديدة؟

- جرى تنظيم لقاءات عديدة بين كوادر قيادية فى حزبنا وممثلين عن الإدارة الجديدة، وقد وجهت دعوة شفهية، وقد كنا شفافين فى هذا الأمر، وقلنا إن الدعوة الرسمية يجب أن تكون باسم الحزب، هذا أولًا. وثانيًا، ينبغى لنا أن نعرف مضمون الدعوة، وما الموضوعات التى سيناقشها المؤتمر الوطنى، وما المخرجات المتوقع أن تصدر عنه.

■ تصريحات رئيس مكتب شئون المرأة بالإدارة الجديدة، عائشة الدبس، أثارت الغضب، لدرجة دعوة الحزب إلى إقالتها.. ما مستقبل المرأة السورية تحت حكم القيادة الجديدة؟

- المرأة السورية خلال السنوات الماضية أظهرت قوة وشجاعة وصبرًا، ودفعت أثمانًا باهظة من اعتقال وتهجير، والقيام أحيانًا بدور الأم والأب معًا، كما أن المرأة السورية أظهرت وجودًا وحضورًا وتفوقًا فى معظم المجالات، وهى تحتاج إلى ما هو أكثر من التطمينات. تحتاج إلى دستور عصرى، يعترف بها مواطنة كاملة الحقوق، بحقوق وواجبات متساوية مع الرجل، وفرص عمل متكافئة.

■ كيف تلقيت نبأ دخول «هيئة تحرير الشام» إلى دمشق واستيلائها على الحكم؟

- أجد أن السؤال يحتاج إلى إضافة، أو صياغة جديدة، وهى «كيف تلقيت نبأ سقوط النظام؟»، فهذا الأمر كان هو الحدث الأكبر بالنسبة للسوريين، خصوصًا الذين عاشوا معاناة الاضطهاد، ومن لديهم معتقلون فى سجون النظام، واللاجئون فى دول العالم، والمنفيون من سياسيين ورجال فكر، وأنا أصنّف نفسى ضمن هذه الفئة.

هذا النبأ بالنسبة لى كان، وكما يقال بالدارجة «كابوس وانزاح»، ودخل كثير من السوريين فى حالة اضطراب شعورى بين الفرح بالخلاص من النظام والحزن على ما فقدوه خلال السنوات الماضية، والمآسى التى عاشوها. ومن الناحية السياسية، انتابتنى حالة قلق من حجم التحديات التى يفرضها وجود لون واحد فى السلطة، والأهم هو تجديد العمل لبناء سوريا دولة ديمقراطية وحريات ومواطنة.

■ ما تقييمك للوضع السورى الراهن؟

- باختصار شديد، سوريا على مفترق طرق.

■ يرى محللون رفض «الأسد» التحاور مع المعارضة السورية بكل أطيافها منذ ٢٠١٦ كان السبب فيما يحدث الآن.. ما رأيك؟

- الأمر يعود إلى عام ٢٠١١، حين أنكر بشار الأسد ما يحدث فى البلاد، واعتبر أن سوريا لها خصوصية، وأنها تختلف عن دول الربيع العربى، ورفض منذ اللحظة الأولى القيام بأى حوار جدى مع المعارضة والناس، كما ذهب إلى جولات تفاوض عديدة فى جنيف، وكانت غايته كسب الوقت لتغيير المعادلات العسكرية لمصلحته، وليس لإيجاد حل سياسى، وكان هناك القرار الأممى ٢٢٥٤، الذى تعامل معه «الأسد» باستعلاء، ولم يُظهر أى جدية، ولكونه فى موقع السلطة، فهو يتحمل تلقائيًا المسئولية بالدرجة الأولى.

■ يحاول أحمد الشرع تغيير الصورة الذهنية عنه وعن «هيئة تحرير الشام».. هل تراه سينجح فى ذلك؟

- أحمد الشرع نفسه صرّح بأنه «يجب الانتقال من الثورة إلى الدولة»، وهذا مؤشر أولى على محاولة تغيير الصورة، لكن الحكم على هذا المؤشر ميدانه الواقع العملى.

■ يرى المتخصصون فى الشأن السورى أن الفيدرالية العلمانية يمكنها رأب الصدع بين أطياف الشعب السورى.. هل ترى هذا الحل واقعيًا؟

- نحن لا نرى حتى الآن أى مؤشرات ناضجة كفاية على الذهاب نحو فيدرالية، وربما كان الأنسب هو نظام حكم يعتمد مبدأ اللا مركزية الموسعة، كما أننا نجد أنه لا ينبغى وضع علمانية الدولة فى تضاد مع حالة التديّن الشعبى، المعروفة ليس فقط فى سوريا، ولكن فى جميع دول المنطقة، كما أننا نشدد على ضرورة الاعتراف بالتنوع القومى، على أساس وحدة سوريا، وفق المواثيق والمعاهدات الدولية، ومبدأ المواطنة.

■ هل جماعات الإسلام السياسى قادرة على الحكم بالفعل، خاصة فى ظل فشل تجربة الإخوان المسلمين فى مصر؟

- فى العموم، فإن تجربة الإسلام السياسى فى المنطقة لم تكن مشجعة، لكن إقصاءها مشكلة كبيرة، والدولة العلمانية تستوعب الجميع، ولدينا أمثلة عديدة لدول علمانية وصلت إلى سدة الحكم فيها أحزاب ذات طابع إسلامى، لكنها لا تستطيع تغيير نظام الحكم، وفيها قوى معارضة قوية ومؤثرة.

■ إلى أى مدى يتمتع أحمد الشرع وهيئته بقبول السوريين؟

- السوريون ليسوا كتلة صماء تفكر بالطريقة نفسها، هناك من يجد أن هذه القوة أنهت حكم نظام «الأسد» الديكتاتورى، وهناك من يجدون أن سقوط نظام «الأسد» هو جهد مشترك حدث عبر عقود ونضالات وتضحيات كثيرة، أسهمت فيها تيارات عديدة، منها تيارات يسارية وديمقراطية وعلمانية. يكفى أن نقول إن أبرز قادة التيار الديمقراطى قضوا عقودًا فى سجون النظام، ومنهم من تمت تصفيته، وهم معروفون لعموم الشعب السورى، وبالتالى يجدون أن شرعية نظام الحكم ينبغى ألا تُبنى على منطق الغلبة «العضلات»، وهناك قسم متخوف من الشعب، وهناك قسم حائر، ليس لديه رأى واضح ومحدد.

هل من الممكن أن يثور السوريون على حكم الشرع وجماعته؟.. وهل يمكن أن تنجح ثورتهم؟

- عادة، بعد سقوط أنظمة ديكتاتورية حكمت لعقود، تأتى مرحلة مخاض جديدة تسبق الاستقرار، وإذا لم تكن هناك تحولات جدية نحو الحريات والديمقراطية وإعمار البلاد وإحداث توازن فى المؤسسات، فإن السوريين، وبغض النظر عمن يحكم وهويته، إسلامى أم علمانى، سيجدون أنفسهم مضطرين للتعبير عن استيائهم ورفضهم.

أخبار عربية

آخر الأخبار